تقسيم الميراث بعد وفاة الأم
تقسيم الميراث بعد وفاة الأم من القضايا الهامة لما لها من تبعات اجتماعية مؤثرة، علاوةً على أهمية حكم الشرع فيها الواجب اتباعه، ويجب معالجتها بشكل واضح رغبةً في إقامة العدل، ومعالجة الظلم وما ينتج عنه من مظاهر الحرمان والفقر، والذى يصاحبه قطعًا للأرحام وبعثًا للأحقاد، ونقدم لكم من خلال موقع ايوا مصر تفسيرًا لهذه القضية في حالاتها المتعددة.
تقسيم الميراث بعد وفاة الأم
بصدد تقسيم الميراث بعد وفاة الأم، فإنها تختلف من أسرة لأخرى حيث إذا كانت الأم لديها بنت واحدة أو ولد واحد أو أكثر من بنت وولد، ويتم تقسيم الميراث بعد الوفاة مباشرة كما أنه لا يجوز لأي أحد تعطيل الميراث بغير رضى الورثة جميعًا، وإذا تنازل أحد عن نصيبه وهو غير مجبر على ذلك فيجوز أن يتنازل شرط ألا يعود ليطالب بحقه مرة أخرى.
تنقسم القضية لأكثر من حالة ويختلف الحكم تبعا لكل حالة، وتعرف التركة أو الميراث أنها: كل ما يتركه الميت من أموال أو منقولات وعقارات، وعند الوفاة يتم استحقاق إرث المتوفي تبعًا لحياة الوارثين.
نشير هنا إلى قوله تعالى: “يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا” الآية 11(سورة النساء).
استنادًا إلى الآية الكريمة نستنتج أنه في حالة وجود بنت واحدة يكون لها نصف ما تركته والدتها المتوفاة، أما إذا كنَ أكثر من فتاة فلهما الثلثين من التركة، أما بالنسبة في حالة وجود أبناء ذكور فقال الله تعالى: “لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ” الآية 11 (سورة النساء).
الجدير بالذكر أنه لا يجوز أن تخصص الأم قبل موتها أحد أملاكها لواحد من أبناءها إلا بحجة شرعية كأن يكون فقيرًا محتاجًا، أو أن تعدل مع باقي الأبناء بعطاء آخر، ويجب أن تفعل ذلك في حياتها قبل الوفاة وإلا يسحب من الابن عطيته.
كيف يحسب السدس في الميراث
تقسيم ذهب الأم في الميراث بعد وفاتها
إن كل المتعلقات الشخصية للمتوفاة التي كانت تمتلكها في حياتها من ذهب أو غير ذلك يكون ميراثًا وتركة عنها تقسم على الورثة كما محدد شرعًا كلُ حسب نصيبه، وسواء كان الذهب ملكًا لها أو أهداه لها أحد أبنائها.
كما أنه يمكن للفتيات تقدير قيمة الذهب والتنازل عنها من بقية الميراث رغبةً في حصولهم على الذهب نفسه في حالة رغبتهم في عدم إعطاء أشقائهن الذكور منه.
نشير أن ذهب الأم بعد وفاتها يكون للبنات وحدهم ولكن يوزع بين أبناءها جميعًا ذكورًا وإناثًا، إلا في حالة أن الأم قبل وفاتها قد وهبته لبناتها فقط أثناء حياتها.
الذهب الذى يشتريه الرجل لزوجته في حياتها، في حالة موتها يكون من تركتها نظرًا لملكها له بالحيازة.
أما في حالة أن الأب ترك للأم قبل وفاتها مبلغًا من المال على سبيل الادخار، فإن هذا يعتبر كوديعة حقًا له هو فقط ولا تعتبر كتركة للأم تورث، فلا يكون للورثة حق فيه.
أما بالنسبة لملابسها المستعملة أو الأشياء اليومية البسيطة التي تستخدمها فهي تعد من قبيل الإرث استنادًا إلى قول الله تعالى: “لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا” الآية 7 (سورة النساء).
أمور يجب مراعاتها قبل توزيع التركة
قبل توزيع الإرث بين الورثة، يجب استوفاء ما على المتوفي من أموال وغيرها فهناك ضوابط يجب سدادها بالترتيب الآتي:
أولًا: الحقوق المتعلقة بعين التركة
حقوق مادية وتشمل أيضًا الحقوق المعنوية التي ليست مالًا ولكنها تقوم بمال، وحقوق الانتفاع بالمأجورات وغيرها.
ثانيًا: مصاريف التجهيز والدفن والكفن
مما يرتبط بحق الميت في رعاية حرمته وكرامته دون إسراف أو تقتير، ويكون التجهيز من التركة فإن لم يكن للميت تركة يتحمل نفقات التجهيز من هم مسئولين عنه في حياته.
ثالثًا: الديون الثابتة في الذمة
لا يجوز ربطها بمستوى الأسعار وأيضًا لا تكون إلا بنفس العملة سواء ذهب أو أي عملة أخرى، وهو ثابت يجب تأديته، والديون قد تكون:
- متعلقة بالمرهونات التي لا يمتلك المتوفي سواها.
- الزكاة والكفارة والنذور(واختلفت المذاهب في كونها تسقط أم لا).
- ديون العباد كالقرض والمهر والأجرة.
- ديون المرض التي أقرها الميت في حياته ولم يعلم بها الناس.
رابعًا: الوصية الصحيحة النافذة
يجب تنفيذ الوصايا و يتقدم الدين الخاص بحقوق العباد على الوصايا التي تتعلق بفروض الله تعالى (في رأى الحنفية).
خامسًا: حق الورثة حسب مراتبهم وفقا للشرع
نتطرق هنا لأحقية كل أبناء الأم المتوفية حسب الدرجة والنوع.
آيات المواريث وترتيبها في جدول: الشروط الواجب توافرها للحصول على الميراث
الأصل في حكم ميراث الأم
إذا مات أحد الوالدين تكون التركة للأبناء تقسم فيها بينهم بالعدل بأن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، في قوله تعالى: “يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ” 11 (سورة النساء)
أما في حالة موت أحد الزوجين دون الآخر أو وفاة أحدهما قبل الآخر، فإن الحي منهما يرث الميت وهناك احتمالين:
- إذا مات الأب قبل الأم: يكون نصيبها من الورث (الثمن)، أما في حالة عدم وجود أبناء فللزوجة الربع مما ترك زوجها.
- إذا ماتت الأم قبل الأب: يكون نصيبه من الورث (الربع)، أما في حالة عدم وجود أبناء فللزوج النصف من التركة.
ثم توزع باقي التركة على الأبناء وفقًا لكل ذكر مثل حظ الأنثيين، وذلك بعد سداد كافة الاستحقاقات من دين يسدد أو بعد تنفيذ الوصية لأيًا منهما إن وجدت.
فيكون تقسيم الميراث بعد وفاة الأم أو الأب طبقا لقول الله تعالى:
“وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ” .. الآية 12 (سورة النساء).
لا يجوز لأحد أن يعطل الميراث وقسمته أو إخفاء التركة عن الورثة فهذا أمر فيه مخالفة لحدود الله، إلا أن يكون على اتفاق بين الورثة بتأجيل تقسيم التركة لوقت معين فلا إثم في ذلك.
جدير بالذكر أنه بصدد تقسيم الميراث بعد وفاة الأم إذا توفيت الأم بعد وفاة زوجها وكان لهم أبناء فإن ميراثها من الأب قد سقط بالضرورة و يورثهم الأبناء طالما أنهم لنفس الأب والأم، ولكن في حالة أن كانت الأم متزوجة من شخص آخر ولها أبناء منه فيتم تقسيم تركتها وفقًا للعدل والشرع بالتساوي بين أبنائها من زوجها الأول والثاني .
إذا أراد أحدٌ من الورثة أن ينفق من مال المتوفي صدقة على روحه بعد وفاته فهذا شيء طيب وله ثوابُ عند الله، ويكون بعد سداد الأمور المذكورة سلفًا من دين ووصية وغيرها.
هل تأخير توزيع الميراث يعذب الميت وما حكمه في الإسلام؟
التركات وتقسيم الأموال من الأمور الشائكة والخطيرة والتي تؤدي لإضعاف روابط الأسرة إذا لم نأخذها بعين الاعتبار وفقًا للشرع، وتقسيم الميراث بعد وفاة الأم أو الأب أو أحد الأبناء لا يمكن الاعتماد فيه فقط على فتوى أو مجرد رأي بل يجب أن ترفع إلى المحاكم الشرعية إن وجد هنالك لبس أو سوء فهم، وذلك حفاظًا على حق الورثة الأحياء منهم والأموات، ولهذا قدمنا لكم كيفية تقسيم ميراث الأم بشكل صحيح.