خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسرى
خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسرى أم يُعرف من خلال كلتا اليدين معًا، أم إن ذلك كله مجرد شذوذات؟ إن قراءة الكف ممارسة شعبية تزعم التنبؤ بالمستقبل من خلال قراءة خطوط كفوف الأشخاص، فهل لها أساس علمي؟
لذا فمن خلال موقع ايوا مصر سنعرف ماذا يزعم المدعين بالقدرة على قراءة المستقبل، ومدى ارتباط ممارستهم بالأساس العلمي وما رأي الدين بذلك.
خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسرى؟
يحاول الإنسان منذ أن يولد كسر الحواجز الزمنية ومعرفة المستقبل، فتجد عندما يرزق شخص بمولد جديد تبدأ تكهُنات من حوله بمحاولة تحطيم الجداريات الزمنية لمعرفة مستقبله من خلال أي معطيات قد تظهر لهم.
فمن يستنبئ بكونه سيكون فتى مشاغب ومن يرى كونه مطيع، ومن يجد إن لديه سمات الطبيب أو المهندس أو لن يفلح أساسًا في طلب العلم.
كلها افتراضات وتكهنات تنم عن طبيعة الإنسان البشرية فهو دومًا منشغل بما هو قادم يحاول تعجيل معرفته به، ولو بضع دقائق عن موعده، فتجد من يدفعون الرشاوي والمحسوبية لمعرفة نتيجة امتحان ستظهر بعد ساعات أو الوصول لخبر قبل موعده بيوم واحد، فتلك شهوة بشرية.
الشهوات البشرية علينا أن نحسن تقويمها فلا نتركها تسيطر علينا فقد ذكر الله -عز وجل- بخصوص ذلك في سورة الأنبياء:
“خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ” (37)
ذلك العَجل يترتب عليه كثير من الأمور، ويجعل الإنسان المتعجل فريسة لكل دجال ومشعوذ ونصاب، فتجد من يزعمون امتلاكهم عطيات إلهية بمعرفة المستقبل.
فيزعم المدلسون إنهم على معرفة بشخصية الفرد ومستقبل زواجه فقط من خلال خطوط يده، فيكثر السؤال عن “هل خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسرى؟” وهو سؤال خاطئ يخرجنا من فلسفة الأسئلة ونقع في الدرك الأسفل من الجهل.
لكن إجابة ذلك السؤال بناءً على العلم الباطل هي إن خط الزواج في ادعائهم لا يعتمد على يدًا واحدة دون الأخرى، لكنه يعتمد على تقريب كلا اليدين من بعضهم.
خط الزواج في اليدين
يزعم المدلسون كما ذكرنا سلفًا وجود ما يقال عنه خط الزواج، وتعريفهم الباطل له أنه هو “الخط أسفل الأصابع مباشرةً، والمنتهي باعوجاج حلزوني حاد”، فنجد من يسألون عن هل خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسرى؟ فهم يسعون للوصول إلى معرفة موعد الزواج من خلال الكف.
بالفعل جميعنا نملك تعرج بتلك الصفات في أيدينا، لكن ما ليس له أساس هو أن يكون ذلك التعرج هو خط يرمز لحال زواج صاحبه، فتكون تدليساهم عن ذلك الخط ودلالته كالآتي:
- إذا أتفق الخطين لليد اليمنى واليد اليسرى على خط واحد، فيزعمون إن سمات ذلك الشخص هي الهدوء والرزانة والعقل، فتكون احتمالية زواجه أقرب بشخص يسهل انسجامه مع عائلته ومجتمعه.
- في حالة ارتفاع خط اليد اليسرى على اليد اليمنى، فلهم زعم إن ذلك الشخص يمتلك شخصية قوية وحازمة، فتكون احتمالية زواجه من شخص أصغر منه سنًا.
- عند ارتفاع خط اليد اليمنى عن اليد اليسرى، فزعمهم إن الشخص صاحب اليد عقلاني وحكيم لدرجة كبيرة له شخصية متواضعة ولا يلتفت لآراء الاخرين، فتكون له احتمالية الزواج من شخص أكبر من سنًا.
كما لاحظنا إن العمل المشترك بين التدلسيات الثلاثة هي اعتماديتها على نمط واحد من استخدام المغالطات المنطقية؛ لتكوين جمل عمومية مطاطية فتنطبق على فئة كبيرة من البشر؛ مما يزيد احتمالية اقترانها بالواقع.
كما أنها تعتمد على ذكر صفات محببة للشخص فتؤثر على الجزئية المتعلقة بتقدير الشخص لذاتها، فيحب أن يستمع للمزيد ويتعمق في معرفة مستقبله العظيم الذي حدد من خلال تعرجات يده، وعرفه فقط بمعرفة إذا كان خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسر.
الإسلام والتنجيم
عند الحيرة والشك في أي أمر نعود لمصدر أحكامنا وهديتنا وتوجهنا، فعندما نتعرض لظلم نطلب المساعدة من محامي يعرف قوانين ودستور الدولة فيكون مرجعنا -الذي تأتي وتخرج منه الأحكام ويقطع الشك باليقين- هو الدستور.
لذا فعندما نحتار في أمر الدنيا نعود لمصدر الشريعة الأول والأحكام المخرج الأول لكل أمور الدنيا هو كتاب الله القرآن الكريم وسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فمن خلالهم لن نضل ابدًا كما جاء في الحديث النبوي الشريف:
“إني تاركٌ فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به، كتابَ اللهِ، وسنتِي”
الراوي: – | المحدث: ابن باز | المصدر: مجموع فتاوى ابن باز
لذا فسوف ندرس الآن تلك الممارسة الدجلية من خلال دستور حياتنا، وهو الدين الإسلامي ومنظوره للأمور؛ لنعرف هل من أساس يجوز السؤال هل خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسرى؟ وهل يجوز التنبؤ بالزواج من خلال الكف؟
معرفة الغيب للزواج في الإسلام
فلقطع الشك باليقين ومعرفة ماهية قراءة الكف فعلًا نعود لصاحب الشريعة لنهتدي لأمور الدنيا.
فإن كان هناك من يعرف الغيب والمستقبل فعلًا وقد منح الله عطيات إلهية لأفراد بعينهم لاختراق حواجز الزمان والمكان، ومعرفة ما لا يعرفه البشر، فكان أولى أن يكون من امتلك تلك العطية خير الناس واحبهم لله -عز وجل- رسولنا محمد.
فلا يوجد من هو الأحق منه بمعرفة الغيب وحسن تدبيرها فهو من لا شك في نوياه، فهل كان رسولنا محمد يعرف الغيب؟
نجد في قول الله –تعالى- توضيحًا لتلك النقطة في كتابه الكريم في قوله –تعالى-:
“قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” (188) سورة الأعراف.
فإن لم يكون أحب البشر لله -عز وجل- قد امتلك هبة قراءة المستقبل ومعرفة الغيب، فهل سوف يمنح الله من قدرته التي أعزها على نفسه لأحد آخر؟
فقد ذكر الله -عز وجل- تخصيصه لصفات بعينها أعزها على ذاته ولم يتركها لعباده كما ذكر في قوله –عز وجل-:
“وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ” (59) سورة الأنعام
حكم الإسلام في قراءة الكف
بذلك قد اهتدينا إلى بطلان ادعاء أي دجال بمعرفة ما لا يعرفه إلا الله -عز وجل-، من خلال الاهتداء بقرآنه الكريم، فيكون أي مدعي بعد ذلك قد ثبتت خديعته.
لكن ما حكم من ما زال يهتدي بأقوال المدلسين بعد أن تيقن بإثبات قول الله إن قولهم باطل.
عن أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- انها قالت:
“ومَن زَعَمَ أنَّه يُخْبِرُ بما يَكونُ في غَدٍ، فقَدْ أعْظَمَ علَى اللهِ الفِرْيَةَ”
كما ستدلت بقول اللَّهُ-سبحانه وتعالي- يفس سورة النمل الآية 65:
{قُلْ لا يَعْلَمُ مَن في السماوات والْأَرْضِ الغَيْبَ إلَّا اللَّهُ}
الراوي: عائشة أم المؤمنين | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح.
فإن الاستدلال بمعرفة الغيب واتباع قول أي شخص من دون الله يعد بموضع الافتراء على الله -عز وجل- والتقليل من قدره وعدم إتباع كتابه هو المصدر التشريعي للحياة، فنكون قد تجاهلنا واتباعنا غيره وأمانا بقوله وما هو إلا مدلس فيكون جزاء من يفعل ذلك عقابًا عظيم.
فورد في الحديث النبوي الشريف قول رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- إن:
“مَن أَتَى عَرَّافًا فسأله عن شيءٍ فصَدَّقَهُ بما قال لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أَرْبَعِينَ يومًا”
الراوي: بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم | المحدث: الألباني | المصدر: غاية المرام
هل لقراءة الكف أساس علمي؟
قد قامت الدكتورة إكرام عبد السلام أحمد -أستاذ طب الأطفال بقصر العيني- بتبني الموضوع من الجانب التخصصي العلمي البحثي.
فقد أقامت البحوث العلمية والنظريات بتحويل تلك الممارسة الجدلية لمنطق علمي له أساس أكاديمي ملموس، بناءً على البحوث والتجارب العلمية فيكون فعلًا موضع اعتبار.
من ثم فيمكن معرفة صفات معينة تخص الشخص لا تخرج عن كونها صفات عضوية بيولوجية، ليست بالطبع تخص مسير حياته وأقداره، فخرجت بحوث وتجارب دكتور إكرام أحمد بإن خطوط اليد تتكون من نوعين هما:
1- خطوط ثنايا الكف
هي خطوط يمكن رؤيتها من خلال العين المجردة، فيكون تكونها من ثلاثة خطوط هي: (خط منحني عند حد منطقة الابهام، خطين عرضيين أسفل الأصابع الأربعة).
تلك الخطوط موحدة متشابهة عند كل البشر، ولا تختلف إلا في حالات الشذوذ الكروموسومي.
2- خطوط الأصابع
هي خطوط غير مرئية فلا تُرى
إلا من خلال العدسات المُكبرة أو من خلال البصمة الحبرية، لا تتشابه أبدًا بين شخصين فهي خطوط البصمات، فتكون تلك الخطوط على النقيض تمامًا من خطوط الثنايا.
نتيجة أبحاث قراءة الكف
فقد خرجات أبحاث ارتباط خطوط اليد بالتكوين العضوي الجسدي للإنسان بنتائج أخرى وهي كالتالي:
- أي تغيرات في خطوط ثنايا فهي ناتج عن خلل كروموسومي قد يطرأ على الشخص، في المقابل يكون لذلك الشخص الذي لديه تغيرات في الكروموسومات تشوهات خلقية وتأخيرات عقلية، فهي تعبير عن خلله الجيني.
- تتكون اليد خلال الأشهر الثلاثة من تكوين الجنين فتكون هي انعكاس أي خلل جيني.
- ترتبط تغيرات خطوط اليد بأمراض عضوية مثل (التأخر العقلي الروماتيزم، ضعف القلب، أمراض الجهاز العصبي).
فكان ذلك هو التطويع العلمي لاستخدم دجل قراءة الكف لأغراض علمية بحثية، تكون ذات قيمة فعلًا لحياة الإنسان بعيدًا عن الخرافات والتكهنات.
فوجود أساس علمي لأشكال خطوط اليد لا يكون أثبات لإمكانية قراءة الكف لمعرفة موعد الزواج ولا رد عن سؤال “خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسرى؟”.
اعترافات محترفين قراءة الكف
عند رؤية ما إذا كان ذلك المجال بُني على حق فعلًا؟ وهل هو ذو نفع يمكن أن نبدل عقولنا لنفكر من وجهة نظر متبعين؟ فنرى رأي وحجج رواده ونجومه على مر العصور.
فنجد إن هايمان –محترف ألعاب العقل- قد صرح بشهادته عن قراءة الكف فقال:
«بدأتُ ممارسة قراءة الكف في مراهقتي لدعم مدخولي من عروض السحر والألعاب العقلية. لم أكن مؤمنًا بقراءة الكف حينها. ولكني أدركت أن عليّ التصرف كما لو كنت مصدقًا كي «أبيعها». بعد سنوات قليلة، صرت متيقنًا من قراءة الكف. في إحدى المرات، اقترح عليّ ستانلي جاكس، الذي كان محترف ألعاب العقل ورجلًا أحترمه، بلباقة، أن أقدم لزبائني عمدًا قراءات معاكسة لما تشير إليه الخطوط، باعتبارها تجربة مثيرة. جربت الأمر مع بعض زبائني. ودهشت وذعرت لكون تلك القراءات بنفس نجاح القراءات السابقة. منذ ذلك الحين، صرت مهتمًا بالقوى العظيمة التي تقنعنا، القارئ والزبون على حد سواء، أن شيئًا ما صحيحٌ رغم أنه ليس كذلك» “كتب الشكوكي وعالم النفس”.
فذلك يجعلنا نعيد النظر بالجانب النفسي المتعلق بقولنا نحن البشر وكيفية رؤيتنا للأشياء؛ فسؤالنا خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسرى، يجعلنا فريسة لأي مشعوذ يرمي أي ادعاءات باطلة فنقع فيها دون وعي.
نقد قراءة الكف لمعرفة موعد الزواج
لختام القول في مسألة قراءة الكف ومعرفة المستقبل واختراق حاجز الغيب، وإثباتًا لبطلان سؤال خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسرى؟
فالأمر له الكثير من الأبعاد لدراسة الأمر منها، عندما ننظر من البعد الديني نجد منذ 3000 عام ما قبل الميلاد، عند ظهوره في الهند ثم ازدهاره في اليونان وبلاد الرافدين.
فكان مرفوض مجتمعيًا قبل أن يبدأ بعض الملوك والقياصرة الاهتمام به، فحصل على المكانة الاجتماعية من دعم السلطة له، فبعد ظهور وازدهار المسيحية بدأت الحرب بين الكنيسة ومشعوذين قراءة الكف ومعرفة الغيب.
حتى جاء الإسلام نبراس للقلوب وتنزيل لقول الله الحق ليصل للبشر جميعًا، فحتى لم يؤثر رسولنا الكريم القدرة على معرفة الغيب لنفسه، لكن بقيت لله وحده ولا يملكها غيره.
فيمكن أن نجزم إن من يقرأ ذلك الموضوع الآن لديه شبكة إنترنت متصلة، ويمتلك جهاز إلكتروني ومهتم بالقراءة عن التنجيم وقراءة الكف، فكل تلك أشياء بديهية لا يحتاج المرء لقدرة إلهية لمعرفتها، فمن واجبنا إعمال العقل في كل ما نرى ونسمع.
النظر إلى خط الزواج في اليد اليمنى أم اليسرى سيظل هاجسًا لبعض الأفراد، على الرغم من التطور العلمي والتكنولوجي الذي نعاصره في الوقت الحالي.