هل يجوز إخراج زكاة المال طعام أو ملابس
هل يجوز إخراج زكاة المال طعام أو ملابس؟ وهل يجوز نقلها من بلد إلى آخر؟ وهل يجوز دفعها للجمعيات الخيرية أم يجب إعطائها للفقير مباشرةً؟ فالزكاة وردت في العديد من الآيات القرآنية في إشارة لأهميتها و كونها أحد أسس الدين الإسلامي التي شرعت لزيادة الترابط المجتمعي وسد الفجوات بين طبقاته المختلفة، لذا نجيب اليوم في موقع ايوا مصر على سؤال هل يجوز إخراج زكاة المال طعام أو ملابس.
هل يجوز إخراج زكاة المال طعام أو ملابس؟
إخراج الزكاة يكون في الأصل من الأموال استنادًا على القرآن، قال تعالى: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (التوبة 103).
اتفق جميع المفسرين والفقهاء على أن المقصود بالصدقة في الآية الكريمة هي الزكاة، كما اتفقوا على أن الأصل هو إخراج الزكاة من نفس نوع المال المّزكى عنه إلا في التجارة فقط، فإن التاجر يخرج قيمة تجارته أموالًا، و اختلفوا في حكم الاستعاضة عن زكاة المال بقيمته من طعام أو ملبس على رأيين:
- الرأي الأول: هو رأي جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة والظاهرية وهو المنع، فعندهم لا يجوز التعويض عن المال بغير جنسه ولا تجوز الزكاة عنه إلا به، و دليلهم بذلك أنها عبادة لله فلا تجوز إلا بما نصت عليه الآيات و هي الأعيان.
- الرأي الثاني: هو ما اتجه إليه الأحناف وعمر بن عبد العزيز وسفيان الثوري والقرطبي والبخاري وهو الرأي بجواز دفع قيمة المال بدلًا من المال نفسه مطلقًا، سواء اقتضت بذلك حاجة أم لا.
دليلهم أنها شرعت لسد حاجة الفقراء مع كونها عبادة، فيراعى فيها حاجة الفقير وأنه قد يحتاج إلى الطعام والملبس أكثر من حاجته إلى الأموال.
الجمع بين القولين استبدال زكاة المال بالطعام والملبس
جمع شيخ الإسلام ابن تيمية بين القولين، وقال أن الأصل أن تكون من جنس المال ولا يجزئ عنه شئ، إلا إذا دعت الحاجة إلى إخراج طعام أو ملبس بدل المال لاحتياج الفقير إليهم أو لنقص الطعام أو لعلم دافع الزكاة بأن آخذها لا يحسن التصرف في الأموال، وتبعه في هذا الرأي الإمام الشوكاني.
يجمع هذا القول بين كونها عبادة مع كونها مشرعة لسد حاجات المسلمين فيقوم المزكي بإخراج زكاة المال من جنسه إلا أن يكون هناك فقيرًا بعينه محتاجًا إلى طعام أو ملبس فيستعاض حينها عن المال بما يحتاجه هذا الفقير.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: من الأموال التي تجب فيها الزكاة هي ماذا؟
هل يجوز إخراج زكاة المال طعام أو ملابس لبلد آخر؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين، ونبع اختلافهم من اختلاف نظرتهم الفقهية للزكاة كما أشرنا سابقًا على طريقين:
- ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يجوز نقل الزكاة من محل إقامة المزكي إلى أي بلدٍ آخر، واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين أرسله لليمن “فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ” (صحيح البخاري).
- ذهب الأحناف في مذهبهم إلى جواز نقل المزكي زكاته عن محل إقامته بأن يدفعها إلى أقاربه فيجمع بين الزكاة و صلة الرحم كما يجوز نقلها كأن يدفعها إلى أهل بلد أشد حاجة من البلد التي يقيم بها.
استدلوا بقوله تعالى “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” (التوبة 60)
إعطاء الزكاة العينية إلى الجمعيات الخيرية
يجوز إعطاء الزكاة لمختلف الجمعيات الخيرية سواء المختصة بالطعام أو الملبس أو توصيل الماء بشرط موافقة الفقراء أن تكون الجمعية من الجمعيات الموثوق بها، لأنه نوع من أنواع التوكيل، فقد يكون الشخص الذي يريد إخراج الملابس كزكاة لا يعلم كيفية إخراج زكاته للمستحقين لذلك اقتضت الحاجة إلى جواز ذلك.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: يجوز تقديم إخراج الزكاة وتعجيلها لمن؟ وأنواعها والشروط المطلوبة
هل يجوز إخراج زكاة المال طعام أو ملابس لغير المسلمين
اختلف الفقهاء على قولين، والمختار عند دار الإفتاء المصرية أنه يجوز إخراج الزكاة لمستحقيها من غير المسلمين وذلك لعموم قوله تعالى “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” (التوبة 60).
فالآية لم تفرق بين مسلم وغير مسلم بل أشارت إلى ثمانية أصناف عامةً من الناس مستحقين للزكاة دون التعرض لدينهم، كما تشير دار الإفتاء إلى أن هذا مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومحمد بن سيرين والزهري وعكرمة و زُفر أحد تلاميذ أبي حنيفة.
مما يدل على أن هذا مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما روي عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: “مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بباب قوم وعليه سائل يسأل؛ شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه، وقال: “من أي أهل الكتاب أنت؟”.
فقال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده، وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: “انظر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ).
الفقراء: هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب”، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه. قال أبو بكرة: “أنا شهدت ذلك من عمر رضي الله عنه ورأيت ذلك الشيخ”.
بما أنه يجوز إعطاء غير المسلمين من زكاة الأموال، فيجوز أيضًا إعطائهم من الزكاة العينية من مطعم وملبس على ما تدعوا إليه الحاجة.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: من شروط وجوب الزكاة في الحبوب والثمار
حكم تبديل زكاة الزروع بالملبس
قياسًا على ما سبق، أجاز الفقهاء أن تستبدل الزروع بقيمتها وتعطى كصدقة، لأنه مما تدعوا إليه الحاجة، فقد يحتاج الفقير إلى الملابس ولا يحتاج إلى الطعام، فتستبدل المزروعات المعدة للزكاة بما يساوي قيمتها من الملابس و تدفع إلى الفقراء.
الأشياء التي يجب إخراج الزكاة عليها
اتفق علماء الأمة على مدى العصور على أربعة أصناف يجب إخراج الزكاة فيهم، وأطلقوا عليهم اسم الأموال الزكوية وهم:
- الذهب والفضة وما يساويهم في كل زمان كالنقد حاليًا.
- كل ما يستخرج من الأرض كالزروع و الثمار والمعادن.
- الأنعام وهي الإبل والبقر والأغنام.
- عروض التجارة وهي كل ما يمتلكه الفرد بغرض أن يتاجر فيه.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل تجب الزكاة على من له دين على معسر؟
يمكن القول بأن الزكاة العينية هي أحد أكثر المواضيع الفقهية إثارةً للجدل بين علماء الإسلام، وما زال الجدال متجددًا كل عام ولا سيما مع اقتراب شهر رمضان المعظم وارتباط زكاة الفطر بزكاة المال في حكم الاستعاضة والاستبدال بالقيمة في الزكاتين، ولعل هذا الاختلاف من مميزات الدين الإسلامي وعدم تحريجه على الناس، لهذا قدمنا لكم إجابة على سؤال هل يجوز إخراج زكاة المال طعام أو ملابس.