الخط الزمني للعصور التاريخية
الخط الزمني للعصور التاريخية تم تقسيمه بشكل تسلسلي حتى يساعد الدارسون بصفة عامة ومتخصصي التاريخ بصفة خاصة على اكتساب أكبر قدر هائل من المعلومات التاريخية حول أجدادنا.
اهتم العلماء بتحديد بداية الخط الزمني للعصور التاريخية وذلك لمعرفة أعمار الحفريات ومعرفة أماكن استخراج المعادن ولأسباب أخرى كثيرة، كما تعددت أراء الجيولوجيون حول الخط الزمني للعصور التاريخية وذلك لتعدد المظاهر وتداخلها في أكثر من حقبة.
لذلك سعى موقع ايوا مصر إلى توفير أكبر قدر من المعلومات الموثوقة عن الخط الزمني للعصور التاريخية نعرضها لكم في السطور التالية.
الخط الزمني للعصور التاريخية
يبدأ الخط الزمني للعصور التاريخية بداية من ظهور الحياة على كوكب الأرض، كما إنه يتناول مدى تطور الحياة وتغيرها عبر الأزمنة المختلفة، فهي لم تكن تسير على وتيرة واحدة.
هذا بجانب تعدد آراء العلماء والباحثون في نظرياتهم تجاه الحقب التاريخية بصفة عامة وتجاه نظريات التطور بصفة خاصة، فهي التي لفتت أنظارنا تجاه موضوع تغير أشكال الكائنات الحية على مر العصور، ولم تكتفِ بذلك فقط بل كشفت عن كائنات انقرضت وأخرى حلت محلها.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: العصور القديمة ما قبل التاريخ
تعريف العصور التاريخية
يمكن تعريف العصور التاريخية باعتبارها مجموعة من الأحقاب أو الفترات الزمنية التي مرت في تاريخ البشرية، وذلك منذ لحظة وجود الإنسان على الأرض حتى وقتنا الحالي.
حيث إن العصر هو بمثابة حقبة من حقب التاريخ، أي فترة من الزمن في تاريخ محدد، ويتم تصنيف هذه الحقب أو الفترات عن طريق عدة عوامل ثقافية أو مجموعة من الاحداث التاريخية، لذلك لجأ الجيولوجيون إلى وضع الخط الزمني للعصور التاريخية.
الصعوبات التي واجهت العلماء في تحديد الخط الزمني للعصور التاريخية
نجد إن التقسيمات التي وضعها العلماء لتوضيح الخط الزمني للعصور التاريخية عملت علي تيسير وتسهيل عملية البحث والدراسة وتحليل التاريخ، بالرغم من صعوبة تحديد إشكالية دقيقة تنال اتفاق المؤرخين.
إلا أن هذه التقسيمات لاقت الكثير من الصعوبات التي واجهت العلماء، وترجع هذه الصعوبات إلى تشابه الخصائص المميزة لكل عصر، بالإضافة إلى صعوبة تحديد فترة بداية أو نهاية كل عصر أو حقبة بشكل محدد.
هذا بجانب عدم دقة بعض العلماء حول بعض التصنيفات التي قاموا بوضعها لتمييز كل فترة عن غيرها، إلا أنه يظل من العسير تقسيم الحضارات البشرية القديمة قبل أن يبدأ الإنسان باستعمال أشياء مادية ملموسة مميزة مثل المعادن.
تقسيمات الخط الزمني للعصور التاريخية
نجد إن تسلسل الخط الزمني للعصور التاريخية معقد بعض الشيء، من الممكن مثلًا أن نجد هناك عصور متداخلة مع عصور أخري قريبة منها، إلا أن هذا التداخل لا يتسبب في إزعاجنا لأنه يعود إلى تشابه الخصائص الموجودة في كلاهما، وهذه هي تقسيمات الخط الزمني للعصور التاريخية:
العصر الأول
حقبة الحياة القديمة Paleozoic Era أو حقبة العصر الأول، هي أحد التقسيمات الزمنية للتأريخ الجيولوجي، وهو من أقدم الأحقاب الثلاثة المكونة لدهر الحياة الظاهرة فانروزوي Phanerozaic وأطولها.
بدأت هذه الحقبة منذ خمسمائة وأربعون مليون سنة تقريبًا، عندما ظهرت بقايا الحياة على هيئة مستحاثات، إلا إنها انتهت في بداية الحقبة الثانية، أو ما يدعى بحقب الحياة المتوسطة، أي العصر الثاني وذلك عندما تعرضت الأرض لأول إلى أزمة بيولوجية كبرى أدت إلى انقراض كثير من نباتات وحيوانات الحياة القديمة.
قسم الجيولوجيون هذه الحقبة إلى ستة عصور ألا وهما الكامبري، الأردوفيشي، السيلورى، الديفونى، الفحمي، البرمي.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: مظاهر الحياة المصرية القديمة
أشكال الحياة في الحقبة الأولى
انتقلت الحياة من الماء إلى اليابس في النهاية المتأخرة لحقبة الحياة القديمة المبكرة، ففي نهاية العصر السيلوري بدأ انتقال الحياة النباتية، وكذلك الحيوانية أيضًا من الماء إلى اليابس.
حيث كانت الحياة في حقبة الحياة القديمة المبكرة كلها حياة مائية المعيشة، ماعدا في الجزء الأخير من العصر السيلوري؛ حيث سجلت لأول مرة أحياء نباتية وحيوانية على اليابس.
كما يمكن القول إن الحياة اللافقارية هي الغالبة، بصرف النظر عن وجود بعض بقايا الأسماك النادرة في تلك الفترة، وهذا يجعل من الممكن أن نطلق على هذه الفترة من تاريخ الأرض اسم عصر الحياة البحرية اللافقارية.
على مستوى النباتات سجل وجود بقايا نباتية حقيقية من مجموعة بسيلوفيتس Psilophytes، كما انتقلت الحياة الحيوانية أيضًا إلى اليابس، حيث سجل الجيولجيون وجود العقارب Scorpions وبعض مفصليات الأرجل الأخرى في صخور العصرالسيلوري العلوي.
إلا أنه لا يعرف على وجه اليقين هل هذه البقايا لكائنات عاشت على الأرض، أو عاشت في البحار في المنطقة القريبة من الشاطئ، ثم جرفت لاحقاً إلى القارة.
ظهرت أيضًا الفقاريات لأول مرة في حقبة الحياة القديمة المبكرة، إلا إنها كانت نادرة، ولم تصبح منتشرة إلا في نهاية العصر السيلوري، حيث سجلت هذه الفقاريات باعتبارها أقدم الفقاريات على الأرض، وهي عبارة عن بقايا أسماك عديمة الفكوك وعديمة الأطراف المزدوجة من طائفة اللافكيات في العصر الكمبري المتأخر في أمريكا الشمالية.
أيضًا ظهرت بعض بقايا العظام والألواح الخارجية لمجموعة أخرى من الأسماك اللافكية يطلق عليها مصطلح “الأوستراكودير” ومعناها عظمية الجلد، في الأورودفيشي الأوسط في الولايات المتحدة.
تتميز هذه الحيوانات بأنها صغيرة الحجم ولها زوج من العيون مثل بقية الفقاريات، إلا أنها ليست لها فكوك ومغطاة بدرع عظمي، إلا أن بقايا الأسماك الحقيقية لم تسجل بوفرة إلا في نهاية العصر السيلوري، حيث كانت الأسماك من طائفة اللافكيات هي بمثابة أقدم الفقاريات.
لذلك نجد إن العلماء يختلفون على الأصل الذي تطورت منه، ويعتقد أنها ربما تكون تطورت عن جلد شوكي.
اللافقاريات والنباتات في الحقبة الأولى
من أهم اللافقاريات في الباليوزوي ثلاثيات الفصوص Trilobita التي بلغت أوج ازدهارها في الحقب الأول الأسفل، إلا إن أعدادها بدأت بالنقصان في نهاية السيلوري وانقرضت في نهاية الحقب الأول.
ثلاثيات الفصوص هي بمثابة مجموعة منقرضة من مفصليات الأرجل، ينقسم فيها الجسم إلى ثلاثة أقسام هي الرأس والصدر والذيل، كما يقسم الجسم طوليًا إلى ثلاثة فصوص وتفرز هيكلًا مكون من فوسفات الكالسيوم.
نتيجة لتنوعها الشديد منذ بداية الكمبري، فهي توفر أساسًا قويًا ومضاهاة صخور الكمبري على مستوى محلي وإقليمي أيضًا، أما إذا تطرقنا إلى النباتات نجد إنه انتشرت في الباليوزوي الأسفل النباتات البحرية البدائية، ومنها الطحلبيات، ولم تظهر النباتات البرية إلا في نهاية السيلوري.
من الملاحظ هنا أيضًا إنه لم تظهر النباتات البرية إلا في نهاية السيلوري، حيث عثر على بعض بقاياها النادرة التي تنتمي إلى النباتات النحيلة (بسيلوبسيدا) Psilopsoda، من النباتات الوعائية خفيات الإلقاح، ويبدو أن الانتقال من الحياة النباتية المائية إلى الحياة البرية قد تم في أثناء الدور السيلوري.
التغيرات الجيولوجية
نجد إن القشرة الأرضية في نهاية الحقبة ما قبل الكمبري وصلت إلى مرحلة مهمة من تطورها، حيث انتهت سلسلة من الحركات المكونة للجبال سميت بأسماء متعددة تختلف باختلاف القارات.
أدت هذه التغيرات إلى تكوين مناطق قارية، بقيت مستقرة منذ نهاية الحقب ما قبل الكمبري، حيث عرفت بالمجنات Shields التي سينتظم حولها التاريخ اللاحق للكرة الأرضية.
تعد أهم هذه المجنات المجن الكندي والمجن البلطي (البلطيقي) والمجن الأنغاري في نصف الكرة الشمالي، والمجن البرازيلي والمجن الإفريقي والمجن الهندي في نصف الكرة الجنوبي، كما تبين لنا الأدلة الجيولوجية أن هذه المناطق القارية كانت فيما قبل الكمبري مغطاة بجليديات واسعة الامتداد خلفت آثارًا لها في بقاع مختلفة من العالم.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حضارات ما قبل التاريخ
العصر الثاني
الحقبة الوسطى أو حقبة الميزوزوي أو الحقبة الثانية Mesozoic Era، هي فاصل زمني جيولوجي بدأ منذ مئتان وخمسون مليون سنة إلى حوالي خمسة وستون مليون سنة مضت.
بمعني أنها دامت نحو مائة وثمانون مليون سنة، وهذا يعادل 30% من دهر الحياة الظاهرة (الفانروزوي) Phanerozoic
تعادل هذه النسبة نصف مدة الحقبة الأولى تقريبًا، ومع ذلك فإن هذه النسبة تبقى كبيرة إذا ما قورنت بمدة الحقبتين الثالثة والرابعة التي لا تجاوز 11% من مدة دهر الحياة الظاهرة.
إلا إنه عادةً ما يشار إلى الحقبة المتوسطة باسم عصر الزواحف، أو الديناصورات، حيث هيمنت الفقاريات الأرضية والبحرية في ذلك الوقت.
أشكال الحياة في الحقبة الثانية
ازدهرت في هذه الحقبة الوسطى الأوليات، كما ازدهرت فيه أيضًا المشطورات Diatoms السيليسية، بدءً من الكريتاسي، وكونت صخر الدياتوميت المستخدم في الصناعة.
أما المنَخرَبات فقد تطورت في الجوراسي والكريتاسي تطوراً كبيرًا، حيث ظهرت العوالق التي استُخدمت أجناسها وأنواعها في تقسيم الكريتاسي إلى طوابقه ونطاقاته الأحيائية مثل مجموعة الكلوبوترانكانيده Globotruncanidae
كما قامت المنخربات القاعية benthos بدور عظيم في تكوين الصخور، مثل مجموعة الأوربيتولينيدة Orbitolinidae إلا إننا نجد في سجل المستحاثات الكثير من الحيوانات اللافقارية البحرية التي كانت تعيش في بحار الحقب الثاني، مثل الإسفنجيات والمرجانيات السداسية والرخويات.
كما تعد العمونانيات من الرخويات رأسيات الأرجل، أهم المجموعات التي استخدمت أجناسها وأنواعها في تمييز رواسب الحقب الثاني وفي تقسيمه إلى أدواره وطوابقه ونطاقاته الأحيائية.
أيضًا ساهمت العمونانيات في هذا التمييز فعملت على إظهار مجموعة أخرى من رأسيات الأرجل وهي السهمانيات البِلِمنوئيدات Belemnoids
إلا إنه في الحقب الثاني ظهرت مجموعة جديدة من القنفذانيات في الجوراسي وهي القنفذانيات اللامنتظمة التي استخدمت أجناسها وأنواعها في تمييز طوابق الجوراسي والكريتاسي.
أما عن الزنبقانيات فلم يبق منها إلا رتبة واحدة من رتبها الأربع التي كانت موجودة في الحقب الأول، وقد تابعت أفراد هذه الرتبة تطورها في الحقب الثاني، حيث ازدهرت في الترياسي والجوراسي، وخير دليل على ذلك بقاياها الهيكلية التي عثر عليها في رواسب هذين الدورين.
أما الفقاريات البحرية نجد إنها تابعت الأسماك العظمية وشعاعيات الزعانف؛ في عمليات تطورها في الحقب الثاني وتنوعت أفرادها تنوعاً كبيراً بدءا ًمن الكريتاسي.
كما تكيفت في هذا الحقب الزواحف مع الحياة المائية، وازدهرت أفرادها في بحار الجوراسي والكريتاسي قبل أن تنقرض في نهاية هذا الحقب.
تكملة لأشكال الحياة في الحقبة الثانية
أما عن الفقاريات البرية فقد بقيت سقفيات القحف Stegocephalians من البرمائيات تيهيات الأسنان Labyrinthodontis على قيد الحياة في أثناء الدور الترياسي قبل أن تنقرض في نهايته.
كذلك أيضًا تابعت الزواحف تطورها في أثناء الحقب الثاني، حيث أعطت الزواحف ثدييات الشكل في الجوراسي الأسفل، ثدييات بدائية انقرضت في الدور الكريتاسي، بعد أن أعطت أشكال أكثر تكيف منها.
من أمثلة هذه الثدييات: الثدييات الجرابية Marsupials والثدييات المشيمية Placentals التي ازدهرت ازدهارًا كبيرًا في الحقب الثالث اللاحق.
كما أعطت التكودونتات Thecodents من الزواحف فروعًا جانبية نذكر منها العظايا الرهيبة أو الديناصورات ومجموعة العظايا المجنحة Pterosaurs، وكلاهما مجموعتان انقرضتا في نهاية الحقب الثاني، وكذلك ظهرت مجموعة التمساحيات التي استمرت حتى العصر الحاضر.
أما عن العظايا المجنّحة في الزمن الجوراسي الأعلى نجد الطيور البدائية التي يمثلها الجنس أركيوبتريكس المجنح العتيق Archaeopteryx وهو طير بغطاء ريشي، ولاسيما على الأجنحة والذيل، ولكنه يشبه الزواحف بأسنانه ومخالبة وذيله الطويل.
كذلك استمر تطور الطيور في الكريتاسي، وأدى في الحقب الثالث فيما بعد إلى إعطاء رتبها المعروفة اليوم، غير أن بعض أشكالها الكريتاسية المنقرضة كانت من الطيور ذات الأسنان.
أما فيما يخص النباتات البرية في هذه الحقبة فقد تابعت عريانات البذور التي ظهرت في الحقب الأول تطورها في الحقب الثاني، حيث تنوعت وازدهرت ازدهارًا كبيرًا في الدورين الترياسي والجوراسي، إلا إنها بدأت في التقهقر بدءً من الجوراسي الأعلى.
إذ حلت محلها مغلفات البذور التي ظهرت في الكريتاسي الأسفل، وأصبحت المسيطرة على المجموع النباتي، بدءً من الكريتاسي الأوسط حتى العصر الحاضر، كما ازدهرت الحشرات مع ظهور هذه النباتات الزهرية وتنوّعت، وأعطت معظم رتبها المعروفة اليوم.
أما السراخس، وهي من النباتات اللابذرية، فقد تابعت تطورها في الحقب الثاني، في حين تقهقرت السراخس البذرية Pteridosperms التي ازدهرت في نهاية الحقب الأول، وانقرضت في بداية الحقب الثاني.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على:كتاب قصة الحضارة التاريخي
التغيرات الجيولوجية في الحقبة الثانية
كان يعتقد الجيولوجيون قديمًا أن الحقب الثاني هو زمن هدوء تكتوني في تاريخ الكرة الأرضية، يقع بين الحركة الهرسينية المكونة للجبال التي حصلت في نهاية الحقب الأول والحركة الألبية المكونة للجبال التي حصلت في الحقب الثالث.
حديثًا أصبح الجيولوجيون يعتقدوا أن الحقب الثاني هو المدة الزمنية التي انفتحت فيها المحيطات وتباعدت الكتل القارية المعروفة فيها اليوم، فقد انفصلت هذه القارات عن القارتين العملاقتين قارة لوراسيا التي كانت تضم أمريكا الشمالية وغرينلند وأوروبا وأسيا الشمالية) وقارة غواندوانة التي كانت تضم (أمريكا الجنوبية وافريقيا والهند وأستراليا والقطب الجنوبي)
هاتان القارتان اللتين كانتا تكونان في نهاية الحقب الأول قارة بنجيه أو قارة عموم الأرض، إلا إن هذا الانفصال تم نتيجة لحركة صفائح الغلاف الصخري وانزياح بعضها عن بعض بحسب نظرية تكتونية الصفائح.
هذا ما أدى إلى تكوين المحيطات المعروفة اليوم، وتوسعها التدريجي باستثناء المحيط الهادئ، الذي يعد الوريث الوحيد لمحيط البانتالاسا أو عموم المحيطات.
من الواضح هنا أن حركة الصفائح هي التي أدت إلى الحركات المكونة للجبال، التي حصلت في أثناء هذا الحقب على أطراف القارات المتاخمة لشواطئ المحيط الهادئ، كما ساهمت أيضًا في تشكيل السلاسل الجبلية العالية مثل جبال غرب الأمريكيتين (جبال نيفادة وجبال الأنديز) وجبال جنوبي آسيا.
التغيرات الجيولوجية للسلاسل الجبلية ورواسب الحقبة
أما الزمن الذي كانت تتكون فيه هذه السلاسل الجبلية العالية كانت هناك منطقة مقعر التيتيس Tethys الجيولوجي تمر بمرحلة تحضير للحركة الألبية المكونة للجبال التي أعطت في الحقب الثالث اللاحق السلاسل الجبلية الممتدة من جبال البيرينه، وجبال شمالي إفريقيا في الشرق حتى جبال جنوب شرقي آسيا مرورًا بجبال الألب وجبال الهيمالايا.
أما عن رواسب هذا الحقبة نجدها ذات محتوى مستحاثي يميزها عن رواسب الحقب الأول السابق والحقب الثالث اللاحق، فهي تُعرف بازدهار مجموعتي العمونانيات والعظايا الرهيبة (الديناصورات) قبل أن تنقرضا في نهاية هذا الحقب.
هذا نتيجة لما يعتقد بأنه تغيرات بيئية مفاجئة، ولذلك يدعى هذا الحقب بعهد العمونانيات والديناصورات، وتختلف رواسبه عن رواسب الحقب الأول، بغياب المجموعات التي انقرضت في هذا الحقب الأخير أو نهايته، وبظهور الطيور والثدييات ومغلفات البذور من النباتات.
العصر الثالث
يطلق على الحقبة الثالثة لفظ Tertiary وهو ثالث حقب من أحقاب دهر الحياة الظاهرة (الفانروزوي).
تمثل هذه الحقبة الزمنية الفترات التي تقع بين ستة وستون مليون سنة و1.6 مليون سنة تقريبًا، إلا أن هناك علماء آخرون يرجحوا حتى 2.5 مليون سنة، أي إنه دام نحو خمسة وستون مليون سنة، وهذا يُمثل نحو 9% من مدة دهر الحياة الظاهرة
أشكال الحياة في هذه الحقبة
نجد أن الذي يميز الحقبة الثالثة عن غيرها من الأحقاب الأخرى هو الاختلاف الواضح في المجموع الحيواني fauna، الذي كان في نهاية الدور الكريتاسي عن الذي ظهر في بداية الحقب الثالث.
حيث انقرضت فجأة العظايا العظيمة الديناصورات في نهاية الدور الكريتاسي والعظايا المجنحة البتيصورات، كما انقرضت في البحار العمونانيات (نوع من أنواع الرخويات) ومجموعات آخرى من الحيوانات الفقارية البحرية كالزواحف البحرية، والكثير من مجموعات المنخربات.
إذا أمعنا النظر في دراسة الحدود الفاصلة بين الحقب الثاني والحقب الثالث، بصفة خاصة في الأماكن التي استمر فيها الترسيب في البحار، نجد الآتي
- انقراض كثير من المنخربات المعلقة التي كانت تُميز الكريتاسي الأعلى، مثل مجموعة الكلوبوترانكانيده Globotruncanidae
- ظهور مجموعات جديدة من هذه المنخربات في بداية الحقب الثالث، مثل مجموعة الغلوبورتالئيد Globortaliidae
نتيجة لهذا تم استخدام أجناس هذه المجموعة وأنواعها، مع مجموعة أخرى ظهرت أيضًا في بداية الحقب الثالث، ألا وهي:
- (النوموليتات) Nummulites التي تم استخدامها في تقسيم الحقب الثالث إلى عصوره وطوابقه، حتى إلى نطاقاته الأحيائية biozones
تعدّ مجموعة النوموليتات التي ازدهرت أنواعها في دور الباليوجين من أهم المستحاثات التي استخدمت في تقسيم الباليوجين إلى عصوره الثلاثة.
لذلك دُعي أيضًا (الدور النوموليتي) Nummulitic period وقد تبين من دراسة صخور الحقب الثالث البحرية أن محتواها المستحاثي الذي حلّ محل المحتوى المستحاثي لصخور الكريتاسي يشابه المجموع الحيواني الحالي.
حيث ازدهرت الرخويات في الحقب الثالث، خاصةً معديات الأرجل وصفيحيات الغلاصم، وتدل هذه الصخور على انتشار المرجانيات السداسية، على الأقل في الباليوجين، ذلك لأنها تقهقرت فيما بعد في النيوجين نتيجة لتبرّد المناخ التدريجي.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: أنواع النباتات التي تعيش في الصحراء
تطور الحياة في الحقبة الثالثة
فيما يخص الحيوانات الفقارية فقد تابعت الأسماك في البيئات البحرية تطورها وتنوعها بمختلف مجموعاتها الغضروفية والعظمية، كما نجحت بعض الثدييات في غزو البحار مثل الحيتان والدلافين لتحتل الفراغ الذي خلفته الزواحف البحرية بعد انقراضها في نهاية الحقب الثاني.
حيث تمثل الثدييات أهم الحيوانات الفقارية التي قامت بدور كبير في هذا الحقبة، ولذلك يطلق البعض على هذه الحقبة عهد الثدييات.
فلقد نشأت ثدييات الحقب الثالث من الثدييات التي عاشت في الحقب الثاني والتي كانت غير ناجحة، وأعطت قبل انقراضها مجموعتين أصبح لهما السيادة على الأرض في الحقب الثالث والرابع اللاحق بعد اختفاء معظم الزواحف في نهاية الحقب الثاني.
إن للثدييات الجرابية marsupial mammals، التي تمثل 5% من مجموع ثدييات الحقب الثالث، أهمية تطورية كبيرة في أمريكا الجنوبية وأستراليا، بسبب انعزال هاتين القارتين عن باقي قارات العالم في معظم عصور الحقب الثالث.
أما الثدييات المشيمية فيبدو أن رتبتها البدائية التي ظهرت في الكريتاسي الأعلى، قد تعرضت إلى تشعب تطوري هام أعطت جميع رتب الثدييات الحالية من آكلات اللحم وآكلات النبات وآكلات الحشرات والحافريات والرتب التي انقرضت في الحقب الرابع، ويمثلها الماموث Mammoth والماستودون Mastodon
كما يبدو أن النباتات مغلفات البذور قد سيطرت على نباتات الحقب الثالث، حيث تم العثور على انطباعات أوراقها وبذورها وسوقها محفوظة على هيئة مستحاثات.
هذا الاكتشاف يشير إلى غزارة حبوب طلع أزهارها التي حفظت في رواسب الحقب الثالث القارية على انتشار هذه المجموعة من النباتات البرية بصورة تفوق انتشار معراه البذور التي أخذت أعداد أنواعها بالتقهقر، واقتصر وجودها على المناطق الباردة والجافة نسبيًا.
التغيرات الجيولوجية في الحقبة الثالثة
إن ما يميز هذه الحقبة عن غيرها هو حركة تباعد القارات التي حدثت نتيجة لتحرك صفائح الغلاف الصخري وتوسع معظم المحيطات، ووصول جغرافية العالم القديمة إلى شكلها الحالي تقريبًا.
فقد أدى توسع المحيط الأطلسي، على سبيل المثال في الحقب الثالث، إلى ابتعاد الصفيحتين الأمريكيتين التدريجي نحو الغرب.
كما رافق هذا التصادم حدوث نشاط تكتوني وبركاني أدى إلى تكوين سلسلة الجبال الممتدة على طول الشاطئ الغربي للأمريكيتين، وإلى انبثاق اندفاعات بركانية في منطقة بنمة، أدت إلى اتصال أمريكا الشمالية مع أمريكا الجنوبية اللتين بقيتا منفصلتين حتى بداية عصر الميوسين.
حيث أدى امتداد الوادي الغوري (الانهدامي) rift valley في وسط المحيط الأطلسي نحو الشمال إلى تباعد غرينلند عن شبه الجزيرة الاسكندينافية وإلى قطع الاتصال بين أوروبا وأمريكا الشمالية في نهاية الأوليغوسين.
هذا ما أدى إلى اتصال المحيط الأطلسي مع المحيط القطبي الشمالي Arctic Ocean أما في الجنوب فقد انفصلت أستراليا عن قارة القطب الجنوبيAntarctica، واتجهت نحو الشمال الشرقي إلى موقعها الحالي.
كما تحركت قارة القطب الجنوبي لتحتل القطب الجنوبي الحالي من الكرة الأرضية، وهذا ما أدى إضافة إلى استمرار ابتعاد شبه القارة الهندية نحو الشمال الشرقي، إلى توسع المحيط الهندي.
نجد هنا إن في هذه الحقبة حدث الكثير من الانكسارات والصدوع مع انبثاق اندفاعات بركانية في شرقي إفريقيا في حقب البليوسين، كل هذا أدى إلى انفصال شبه الجزيرة العربية وابتعادها عن إفريقيا، مما أدى إلى تكوين خليج عدن والبحر الأحمر وجملة الصدوع الممتدة من خليج العقبة حتى شمال غربي سورية مرورًا بغور الأردن والبقاع والغاب في لبنان وسوريا.
أما عن الشيء الأكثر إثارة هنا هو تصادم شبه الجزيرة الهندية وقارة إفريقيا مع قارة أوراسيا، الذي أدى إلى تكوين السلاسل الجبلية في الموقع الذي كان يحتله بحر التيتس Tethys.
تعتبر هذه السلاسل ممتدة من جبال البيرينه وجبال الأطلس في الغرب إلى جبال جنوب شرقي آسيا مرورًا بجبال الألب والكاربات والقوقاز والهيملايا، وهي كلها تنتمي إلى الحركة الألبية المكونة للجبال Alpine Orogeny
يعتبر اليوم البحر الأسود وبحر قزوين وبحر آرال والبحر المتوسط من بقايا بحر التيتيس، الذي كان يحتل مواقع هذه الجبال.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على:دور الإنسان في التاريخ
التغيرات المناخية في الحقبة الثالثة
أما المناخ الذي كان سائدًا في الحقبة الثالثة، فيبدو أن درجة حرارة الجو كانت بصورة عامة أكثر ارتفاعًا في الباليوجين من درجة حرارة العصر الحالي.
هذا بجانب الأوضاع التي تبدلت في نهاية الباليوجين وبداية النيوجين وأصبحت درجة الحرارة أكثر انخفاضًا في النيوجين لدرجة أدت إلى تغطية القطب الجنوبي والمناطق المجاورة في نهاية البليوسين بجليديات قارية، وهذا ما أثر تأثيرًا واضحًا في المناخ وفي حركة التيارات البحرية والجوية.
في حين أنه أعتقد العلماء أن هذه الجليديات التي تكونت في نهاية البليوسين، أي منذ 2.5 مليون سنة، كانت تُمثل بدايةً لعصر البليستوسين اللاحق، الذي ينتمي إلى الحقب الرابع، ولذلك كان الاختلاف في تحديد بداية هذا الحقب الأخير.