تجربتي مع سورة الصافات

منذ 21 أيام
تجربتي مع سورة الصافات

عنوان تجربتي مع سورة الصافات ستجده منتشر في مواقع الإنترنت مثل انتشار الصبغ في الماء، إلا أنه تحت كلمة (تجربتي مع سورة الصافات) ستجد العجب العجاب، كل موقع يكتب ما يريد بواصفات علاج وأعداد معينة دون ذكر دليلهم في نقل هذا الكلام.

حتى أن الصحيح وسط هذه الهوجاء قد ضاع واختلط الصحيح بالموضوع، العلم الشرعي بالدجل والتخاريف.

لذلك في هذا الموضوع على موقع ايوا مصر سنتلمس الصواب في قول العلماء والفقهاء عن المحتوى المشور تحت جملة تجربتي مع سورة الصافات.

تجربتي مع سورة الصافات

عند النظر فيما كُتب تحت عنوان “تجربتي مع سورة الصافات” سنجد أنه يحتوي على اختلافات بين كل موقع وآخر إلا أنه هناك عدة عناصر مشتركة نحو:

  • مقدمة تبدأ بالبسملة والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ثَم ينتقل الكاتب بسرد تجربته إنه كان يعاني من الحزن والضيق وكثرة المشاكل والخلافات الزوجية أو تأخر الزواج، والأمراض والألم الجسدي دون سبب واضح والكسل …
  • ينقل إلى أنه وجد الحل السحري لكل المشاكل وأن تلك الطريقة هي الشافية العافية… وكثير من المبالغات في الفائدة، وأنها أيضًا تكشف عن حالات المس والسحر واللبس والأعمال السفلية والعليا وأي شيء في هذا الباب.
  • بعد تلك المقدمة التي تختلف في أسلوب من موقع إلى آخر نجد عدة طرق لاستخدام السورة مثل:
  • أن نجلس بعد العشاء ونقرأ العشر الأوائل من سورة الصافات عشرة مرات على كوب ماء مُضاف عليه ماء الورد وشرب نصفه والغسل بنصفه أو قد يقول لك اشربه كله واقرأ على كوب آخر لغسل وجهك به مع قراءة سورة الصفات بعدد 21 مرة.
  • أن تكتب سورة الصافات على قماش قطني أبيض بمداد من الزعفران وتحرقه في المكان وتستنشق الدخان.
  • أن تكتب السورة الصافات بالفحم على ظهر المريض.
  • أن تكتب العشر الأوائل من سورة الصافات بالمسك على المريض.

طرق كثيرة وكلها دون أي دليل ذُكرت فيه ولو حتى كتاب سحر مُجمع على خطأه مثل شمس المعارف.

  • بعد ذلك لتأكيد المصداقية نجد أن الكاتب يضيف بعض العوارض التي ستحدث لمن سيستخدم تلك الطريقة مثل:
  • الشعور بالتنميل في كامل الجسد.
  • الشعور بالرغبة في القيء (الغثيان).
  • الحاجة للنوم.
  • الخوف في القلب.
  • ألام في بعض الأعضاء في الجسم.
  • عدم الراحة في الجلس في المكان.
  • الإحساس بالبرودة أو الحرارة في الأطراف أو في الظهر.
  • ضيق التنفس.

أعراض كثيرة وجدناها متواترة في المواقع

  • يعقب الكاتب بقوله أن تلك الأعراض ليست لا بد أن تظهر جميعها ولكن يظهر بعضها عند بعض المرضى، ويجب تكرار هذه الطريقة بعدد معين حتى يتم الشفاء.

هذه خلاصة ما وجدناه تحت اسم (تجربتي مع سورة الصافات)

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: تجربتي مع سورة الفلق

نقد طريقة تجربتي مع سورة الصافات

الناظر بعين العقل على تلك الطريقة يتبين له خطأها التام بسبب عدة عوامل، كما يتبين فيها أيضًا سبب تصديق الناس لها:

أن الكتاب يبدأ كلامه بالبسملة والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ومنثم يتحدث عن سورة في القرآن الكريم، فمن سيكذب أحد يتكلم بالقرآن، إلا أنه لا يذكر أي دليل على كلامه ولا مصدر لهذا التجربة وهذا لم نتبعه في الأخذ بالأمور الشرعية، فالدين الإسلامي بالنقل وليس بالعقل، فلكل شيء يقال يجب أن نجد دليل يعود على القرآن أو السنة النبوية.

أيضًا العنوان الذي يبدأ بكلمة التجربة منسوبة إلى إنسان يُشعر القراء بصدق المعلومة لأنه من إنسان مصاب مثله، وكما يقول المثل العامي: “اسأل مجرب ولا تسأل طبيب”.

الطرق الذي مكتوبة في الطريقة نجدها فيها تضارب تام فطريقة القراءة على الماء وشربها أو الاغتسال بها يعمل بها الرقاة الشرعيون إلا أن الكاتب وقع في خطأ كبير لا يقع فيه مبتدأ في الرقية الشرعية بهذه الطريقة وهي أنه يجب على المصاب الاغتسال بهذا الماء على طهارة وأن يكون خارج الحمام، وإلا أصابه ما لا يُحمد عقباه.

طريقة الكتابة بالمسك يتبعا الصوفية من بعض الطرق في المغرب العربي ويقولون أنها ناجحة معهم، إلا أنهم لا يكتبون سورة كاملة فقط كلمات وأذكار.

طريقة الفحم هي الأسوأ فلا نعرف لها أثر إلا في إحدى العزائم في كتاب شمس المعارف الصغرى، وطريقة الكتابة على القماش وحرقه يتبعها المشعوذين في كل مكان ولا يجب اتباعهم بالطبع.

أما موضع تكرار الآيات بعدد معين (21 مرة أو 42 مرة) فهذا هو الدجل الصرف فلا أصل له في السنة والمشهور بتلك الأرقام هو صاحب كتاب (خمائر السرائر الإلهية في بواهر آيات الجواهر الفوثية) وهو كتاب مبتدع لا يجب اتباعه.

كما أن الفقهاء قد حرموا بعض تلك الطرق لما فيها من امتهان لآيات القرآن العظيم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: تجربتي مع سورة الفاتحة للزواج

التعقيب على إحساس المريض بعد التجربة

ثم بعد ذلك يذكر لك الإحساس الذي ستشعر به.. بالطبع من صدق وقام بهذا العمل السابق لا بد أن يشعر بشيء، فالعامل النفسي والإيحاء له دور كبير في تلك الحالة.

كما أنه ذكر عوارض كثيرة لابد أن يشعر بها إنسان، فمن سيشرب كوب ماء كبير بسرعة في الغلب قد يشعر بالغثيان، أو من يغتسل بالماء من الطبيعي أن يشعر بالبرد بعدها أو يحاول جسمه معادلة درجة الحرارة ويشعر الدفء.

فالكتاب قد ذكروا أعراض كثيرة قد يشعر بها أي إنسان في أي وقت، من يقرأ الآن لا بد أنه يشعر بأحدهم على الأقل.

بذلك نرى أنه لا يصح اتباع أيًا من تلك الطرق مجهولة المصدر والتصديق بها؛ فلا نعلم ما الهدف من وراءها وما دلالة الأرقام التي يكرر المستخدم القراءة بها، ولماذا تلك الآيات بالتحديد…، كما قال أبو شامة المقدسي رحمه الله:

“… وكذلك الذين يجمعون آيات يخصونها بالقراءة ويسمونها آيات الحرس، ولا أصل لشيء من ذلك، فليعلم أن جميع ذلك بدعة، وليس شيء منها من الشريعة، بل هو مما يوهم أنه من الشرع وليس منه …”؛ فلا يصح اتباعهم إذا كان مبتدعة.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: تجربتي مع سورة الواقعة

بقايا الصحة في طريقة التداوي بسورة الصافات

بالطبع لا بد أن يكون هناك لبنة صغيرة يبدأ بها أي بناء عظيم، فبعد البحث وراء أصل تلك الطريقة وجدنا حديث في فضل سورة الصافات وغيرها من السور؛ إلا أن كل علماء الحديث قد أجمعوا على أنه حديث موضوع أو منكر لأن في سنده أحد الرواة مشهور عنهم الكذب والتدليس

هذا الحديث منسوب إلى أبي بن كعب في بعض الكتب وفي بعضها منسوب إلى أبو ليلى الأنصاري.

فقد ذكره الإمام الألباني في (ضعيف ابن ماجة 715) وقال عنه أنه منكر وهذا أيضًا رأي ابن حجر العسقلاني في (بذل الماعون 90) وغيرهم الكثير

متن هذا الحديث هو:

“كنتُ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فجاءَ أعرابيٌّ فقالَ يا نبيَّ اللَّهِ إنَّ لي أخًا وبِه وجَعٌ قال وما وجَعُهُ قال به لَممٌ قالَ فأتِني بِه فوضعَه بينَ يديهِ فعوَّذَه النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بفاتحةِ الكتابِ وأربعِ آياتٍ من أوَّلِ سورةِ البقرةِ وَهاتينِ الآيتينِ (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) وآيةِ الكرسيِّ وثلاثِ آياتٍ من آخرِ سورةِ البقرةِ وآيةٍ من آلِ عمرانَ شَهِدَ اللَّهُ أنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ آيةٌ منَ الأعرافِ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ وآخر سورةِ المؤمنينَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وآيةٍ من سورةِ الجنِّ وأنَّهُ تَعَلَى جَدُّ رَبِّنَا وعشرِ آياتٍ من أوَّلِ الصَّافَّاتِ وثلاثِ آياتٍ من آخرِ سورةِ الحشرِ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوِّذتينِ فقامَ الرَّجلُ كأنَّهُ لم يَشكُ شيئًا قطُّ”.

بذلك حتى اللبنة الأولى التي بُني عليها مواضيع (تجربتي مع سورة الصافات) آثار موضوعة وغير صحيحة أيضًا ولا يجب العمل بها.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: آثار الرقية الشرعية على الجسم

الرقية والعلاج بالقرآن

هذا بالطبع لا ينفي أن الرقية بالقرآن صحيحة ومثبتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال المولى عز وجل في محكم التنزيل: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا” (الإسراء 82)، وقال في سورة يونس: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (57)”.

عن تلك الآيات قال ابن القيم رحمه الله أن “مِنْ هَاهُنَا، لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا للتبعيض” فإذا أحسن التداوي به للمريض فله أن يتداوى به ويفضل ذلك مع اعتقاد تام أن الشفاء من الله تعالى.

طريقة الرقية بالقرآن

من الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نعرف أن الرقية تكون بعدة سور من القرآن هو ذكرها أو أقر على من قرأ بها مثل:

سورة الفاتحة

عن أبو سعيد الخضري أنه قال:

“نْطَلَقَ نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتَّى نَزَلُوا علَى حَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فأبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شَيءٍ، لا يَنْفَعُهُ شَيءٌ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: لو أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا؛ لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيءٌ، فأتَوْهُمْ، فَقالوا: يا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا له بكُلِّ شَيءٍ، لا يَنْفَعُهُ؛ فَهلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنكُم مِن شَيءٍ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَما أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ علَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عليه، وَيَقْرَأُ: (الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ)، فَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَما به قَلَبَةٌ، قالَ: فأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذي صَالَحُوهُمْ عليه، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقالَ الَّذي رَقَى: لا تَفْعَلُوا حتَّى نَأْتِيَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَذْكُرَ له الَّذي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرُوا له، فَقالَ: وَما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟ ثُمَّ قالَ: قدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لي معكُمْ سَهْمًا. فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.” (صحيح البخاري 2276)

فقول الرسول صلى الله عليه وسلم (وَما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟!) ؟! إقرار منه إن سورة الفاتحة يمكن الرقية بها وإنها نافعة مع اليقين أن الله تعالى هو الشافي.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: الرقية الشرعية من الكتاب والسنة للشيخ ابن باز

قراءة المعوذات

المعوذات هي سورة الفلق (قل أعوذ برب الفلق) وسورة الناس (قل أعوذ برب الناس) وسورة الإخلاص ( قل هو الله أحد) والثابت بالأدلة الصحية أن قراءتهما من الرقية الصحية وأن لهما فضل عظيم لما تحويه من معاني، ورد ذلك في أكثر من حديث أشهرها:

أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ” أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَنْفِثُ علَى نَفْسِهِ في مَرَضِهِ الذي قُبِضَ فيه بالمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أنَا أنْفِثُ عليه بهِنَّ، فأمْسَحُ بيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ: كيفَ كانَ يَنْفِثُ؟ قَالَ: يَنْفِثُ علَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ” (صحيح البخاري 5751)

فهذا دليل على أن المعوذات من الرقية الشرعية فقام بها الرسول صلى الله عليه وسلم وأن السيدة عائشة كان ترقيه بها.

هذا بجانب الفضل العظيم لنهايات سورة البقرة الوارد فيها أكثر من حديث وفضل قراءة آية الكرسي.

بذلك نكون قد تناولنا أقوال الفقهاء حول مواضيع تقارب ما يُنشر تحت اسم تجربتي مع سورة الصافات وإعمال العقل فيما ورد في تلك الطرق، مع بيان قول الفقهاء في طريقة الرقية الشرعية، “فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ” يحفظكم من كل سوء، والصلاة والسلام على سيد الخلق وخاتم المرسلين.


شارك