سلبيات التبرع بالأعضاء بعد الموت
ما هي سلبيات التبرع بالأعضاء بعد الموت؟ وما هو حكم الدين في هذا الأمر؟ من منا لا يرغب في مساعدة غيره حتى بعد وفاته، فمن الجدير بالذكر أن هناك آلاف المرضى ينتظرون أن يتبرع لهم شخصًا ما بعضو من الأعضاء الهامة للحياة، فهل سيكون الدين مع الشخص الذي يرغب في التبرع بأعضائه بعد الموت، هذا ما سنتعرف إليه الآن من خلال موقع ايوا مصر.
سلبيات التبرع بالأعضاء بعد الموت
ذهب الكثير من علماء الفقه والفتاوى إلى جواز فكرة نقل الأعضاء من الميت للحي، وذلك إن كان الميت قد سمح بهذا الأمر قبل وفاته، ولكن توجد بعض الشروط لهذا الأمر ويجب توافرها حتى يكون النقل مُحللًا.
فبالتالي ستكون سلبيات التبرع بالأعضاء بعد الموت هي التي تنتج عن الحالات التي لا تتبع الشروط التي تم تحديدها من قِبل علماء الفقه والشريعة الإسلامية، والآن سنعرض لكم هذه الشروط حتى تتمكن من معرفة ما إذا كان التبرع سيكون له سلبيات أم لا:
- يجب أن يكون الشخص الميت الذي سيتم نقل منه الأعضاء للحي مات موتة طبيعية شرعية بشهادة ثلاثة من أهل الخبرة، أو الأطباء، أي لم يمت موته مُتعمدة أو شيء من هذا القبيل، وهذا تطبيقًا لحكم الله تعالى عندما قال: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: الآية 29].
- لا بد من أن تكون حالة الشخص الذي سيُنقل له الأعضاء في تدهور شديد، وأن هذه الأعضاء هي التي ستنقذه بأمر الله من وجهة نظر الطبيب المُتخصص في هذا الأمر.
- ينبغي أن يكون الميت قبل وفاته قد أمر أو أوصى بأن تُنقل أعضائه أو عضو مُعين منه بعد وفاته، كما يجب أن يكون بكامل قواه العقلية عند اتخاذ هذا القرار ومن دون التعرض لأي إكراه أو إجبار، حيث يُمكن أن يتسبب النقل على انتهاك كرامة الآدمي.
- الامتناع عن نقل الأعضاء التناسلية من الميت إلى الحي، أو حتى من الحي إلى الحي، حتى لا يحدث اختلاط في الأنساب.
- وجوب حدوث نقل الأعضاء في مركز طبي مُتخصص في هذا الأمر جيدًا، كما يجب أن يكون مُعتمد من وزارة الصحة وُمرخص من الدولة.
- يجب أن يكون النقل دون أي مقابل مادي أو معنوي، أي لا يكون بغرض المبايعة أو التجارة، بل يجب أن يسير بطرق مؤكدة من الناحية الطبية، حيث وضح الكثير من العلماء أنه لا يصح أن يتم الانتفاع بشعور الإنسان، كالأسنان، والشعر، والأعضاء التناسلية على سبيل المثال.
- وجوب تكون اللجنة الطبية الخاصة بالنقل من ثلاثة أطباء، كما يجب التأكد من أن ليس هناك أي مصلحة لهؤلاء الأطباء من هذه العملية.
- لا بد من التأكد أن هذا العضو لن يلحق الضرر بالشخص الذي سوف يُنقل له، أي يجب فحصه جيدًا قبل نقله.
فتاوى صدرت من دار الإفتاء عن جواز نقل الأعضاء
بعد أن تعرفنا إلى سلبيات التبرع بالأعضاء بعد الموت وعلاقتها بشروط التبرع، وجب علينا أن نعرض لكم حكم الدين الإسلامي في هذا الأمر من خلال عرض الفتاوى التي وضعها شيوخ الأزهر فيما يلي:
- القرار الصادر من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 99 لسنة 1402هـ، الذي أجاز نقل عضو أو جزء من إنسان حي، أو ميت، مسلم أو ذمي إلى نفسه إذا دعت الحاجة إليه وأمن الخطر في نزعه وغلب على الظن نجاح زرعه.
- قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة.
- قرار المجمع الفقهي التاسع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورته المنعقدة في جدة عام 1408هـ.
- رقم الفتوى 36345 وتاريخها 18/8/2003م، الشبكة الإسلامية – موسوعة الفتاوى والسؤال: تركت أمي وصية لنا قبل موتها وهي التبرع بكليتها للمستشفى لم نفعل ذلك لأسباب، فما حكم الشرع في ذلك.
- الفتوى: فإن نقل الأعضاء من الأحياء والأموات مسألة اختلف فيها العلماء والراجح والله أعلم هو جواز نقل الأعضاء من الأحياء بشرط ألا يتضرر المتبرع وأن يكون طالب العضو في حالة اضطرار له، أما نقل العضو من الميت فالراجح جوازه أيضا لما فيه من المصالح الكثيرة التي راعتها الشريعة وقد ثبت أن مصالح الأحياء مقدمة على المحافظة على حرمة الأموات.
- رقم الفتوى 42731 (الشبكة الإسلامية) موسوعة الفتاوى تاريخ الفتوى 31.12.200م
- السؤال: أبي مريض جدا ويحتاج إلى عملية جراحية مستعجلة لزرع الكلى هل يجوز شرعا أن أعطي أبي كليتي كي يزرعها؟ الفتوى: لا بأس بتبرعك بإحدى كليتيك بل إن ذلك من البر به، ولكن لذلك ضوابط ذكرناها في الفتوى رقم 9409 والفتوى رقم 4388.
قد صرح مفتي مصر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الدكتور نصر فريد واصل:” بأنه يشترط خضوع عملية نقل الأعضاء من المتوفى للحي لضوابط وشروط طبية مشددة”.
استكمل حديثه وقال: “إذا كانت عملية النقل تتم من ميت إلى حي بهدف إنقاذ حياته من هلاك محقق أو لتحقيق مصلحة ضرورية، فيجب أن يكون المنقول منه العضو قد تحقق موته بالمفارقة التامة للحياة، يستحيل عودته للحياة مرة أخرى بشهادة ثلاثة من أهل الخبرة العدول وأن يكون المتوفى قد أوصى في حياته بالعضو المنقول منه”.
أسباب جواز نقل الأعضاء من الميت للحي
من خلال حديثنا حول سلبيات التبرع بالأعضاء بعد الموت، فقد صرحت دار الإفتاء أن هناك بعض العوامل التي تسببت في جواز نقل الأعضاء من الميت للحي، وهذا ما سنعرضه لكم الآن من خلال الفقرات التالية:
1- التبرع صدقة جارية
من خلال حديثنا حول سلبيات التبرع بالأعضاء بعد الموت، فمن المتعارف عليه أن الشخص عندما يتوفى يكون بحاجة إلى صدقة جارية تشفع له في موته بعد مفارقته للحياة.
فهو لن يتمكن من القيام بأي شيء من الأشياء التي تندرج أسفل مفهوم الصدقة، فنقل الأعضاء يُعد خير صدقة جارية يتركها الشخص بعد وفاته.
فعلى سبيل المثال، إذا كان يوجد شاب في العشرينيات من عمره ويجلس على فراش الموت بسبب مرض في القلب، وكان لا يوجد لهذا المرض أي دواء، بل يجب أن ينقل له قلب آخر، وفي الوقت ذاته، كان هنا رجل في الثمانينات من عمره في ذات المستشفى يتمتع بقلب جيد ولكنه حان وقت وفاته بأمر الله.
فرأى هذا الرجل الشاب الذي يكاد يتلفظ أنفاسه الأخيرة، فطلب الرجل من عائلته أن يأخذوا القلب الخاص به بعد وفاته الذي لا يبتعد موعده كثيرًا لهذا الشاب، حتى يمنحه فرصة للحياة مرة أخرى.
بالفعل بعد وفاة الرجل العجوز أخذ قلبه، وتم وضعه في جسد الشاب وعاش الشاب بعدها خمسين عامًا كان دائم الدعاء والتصدق على روح هذا الرجل الذي أعطاه فرصة للنجاة بحياته بأمر الله بالطبع، فهذا الفعل هو أفضل مائة مرة من التصدق أو وضع الأموال الخاصة به في مشروع ما على سبيل المثال.
2- تنفيذ لأحكام الله
في إطار حديثنا حول سلبيات التبرع بالأعضاء بعد الموت، فمن الجدير بالذكر أن الله تعالى وضع لنا منهج الحياة التي يجب علينا أن نسير عليه في القرآن الكريم، وذلك حتى يذهب السائل والمريض والحائر إلى القرآن الكريم، فيعود في حالة أفضل مما كان عليها، بسبب حصوله على الإجابة التي كان يرغب في الحصول عليها طوال حياته.
لذا نرى أن الله تعالى ذكر وجوب التبر ع في القرآن الكريم، في قوله:
{ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً} [سورة المائدة: الآية 32]، وقوله: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [سورة النساء: الآية 28].
فمن خلال هذه الآيات المُباركة، يُمكننا القول إن منزلة من يتبرع بشيء منه لشخص آخر تكون أكبر بكثير مما يتوقع عند الله، فقد خلق الله الإنسان حتى يكون عونًا لأخيه.
كما خلق الله سبحانه وتعالى لكل داء دواء حتى يتداوى الإنسان من الأمراض التي يُعاني منها، فإذا كان الإنسان هو الدواء لشفاء إنسان آخر غيره، فيجب عليه الشروع في أن يكون دوائه.
حيث قال الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر:
” وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ”، وفي حديث آخر قال:” مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ”.
3- تكريم الإنسان
من المتعارف عليه أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تصوير، وأفضل شكل عن سائر المخلوقات الأخرى، فالله كرمه بهذا الشيء، لذلك أخذت الشريعة الإسلامية اتجاه أنه يجب على الشخص أن يقوم باتخاذ أي وسيلة من الوسائل التي تجعله يُحافظ على خلق الله.
فإذا أراد الشخص الذي سوف تُنقل له الأعضاء معرفة ما إذا كان هذا الأمر مُحلل أم لا، فيجب عليه الاطمئنان من هذا الأمر، فقد حلله الله تعالى للإنسان الذي يُعاني بالفعل من قلة تواجد هذا العضو على سبيل المثال في جسده، أو عدم قيامه بعمله بشكل سليم.
فالتبرع يُقلل من ذنوب المُتبرع، وفي الوقت ذاته يعمل على جعل الشخص المريض لا يلجأ للطرق الغير شرعية للحصول على الأعضاء التي يحتاجها جسده، حيث المريض يرغب في التخلص من الألم الذي يشعر به كثيرًا بأي طريقة كانت.
إن سلبيات التبرع بالأعضاء بعد الموت ترتبط بمدى اتباع الشروط التي يجب توافرها في المُتبرع والشخص الذي سيحصل على الأعضاء، حتى يكون التبرع مُحللًا.