تاريخ مصر الحديث والمعاصر

منذ 19 أيام
تاريخ مصر الحديث والمعاصر

تاريخ مصر الحديث والمعاصر هو تاريخ مشرف، فمصر صانعة تاريخ يتباهى به أبناؤها على مر العصور، ويؤرخ البعض تاريخ مصر الحديث بداية من الفترة 1882م حيث الاستعمار البريطاني الذي استمر فيها إلى أن حصلت على استقلالها رسميًا في 1956م بجلاء المستعمر عن أراضيها.

فلم تنعم مصر بالحكم الذاتي في الحكم إلا مع ثورة يوليو 1952م فأصبحت بذلك مستقلة لها سيادة تسمح لها بالتقدم في شتى المجالات وظهر ذلك في مواضع شتى في عهد كل من الراحل عبد الناصر والسادات، لذا ومن خلال موقع ايوا مصر دعونا نستعرض لكم تاريخ مصر الحديث والمعاصر بشكل موجز.

تاريخ مصر الحديث والمعاصر

يعتبر بعض المؤرخين أن تاريخ مصر الحديث والمعاصر بدأ بصعود محمد على لحكم مصر في 1805م والذي تولى الحكم وفق إرادة شعبية، ولكن الرأي الأرجح هو اعتبار هذا التاريخ من مولد القومية المصرية وإيمان الشعب المصري بها ولا نهمل بذلك فترة الحكم العثماني أو الحملة الفرنسية ولكن تلك الفترات يشوبها الاستعمار والاحتلال الذي غزا مصر فكريًا أكثر منه عسكريًا.

الاستعمار البريطاني على مصر

احتلت القوات البريطانية مصر إثر موقعة التل الكبير 1882م التي أبرز فيها عرابي وطنيته في الدفاع عن مصر ولكن لم يكن النجاح حليفًا له ولم يسانده الخديوي توفيق التابع للإنجليز، ولم يكن هذا الاحتلال وليد صدفة، إنما هو إثر رغبة استعمارية بريطانية تأصلت عند الإنجليز منذ علو مكانة مصر وظهورها كمنطقة قلب في الشرق الأوسط فهي مطمع استعماري لدول غربية عديدة ولكن كانت بريطانيا هي الفائزة في رضوخ مصر لاحتلالها المجحف لمدة تتجاوز 60 عامًا.

الكثير من المؤرخين يلقون مسئولية الاحتلال الإنجليزي على عاتق أحمد عرابي، ولكن نشير هنا أنه حتى ولو لم يوجد عرابي لكانت اتخذت إنجلترا وسيلة أخرى لتكون ذريعة تدخل واحتلال فسياسة “فرق تسد”، كانت السياسة الإنجليزية المتبعة ستؤتي ثمارها حتى لو لم تجد مصر من يدافع عنها وقتها، لاسيما مع وجود حاكم خائن لوطنه كالخديوي توفيق فموقفه يعد موقف شائن بكل المقاييس.

يمكنك أيضًا الاضلاع على: من مؤلف كتاب تاريخ الخلفاء؟

الحرب العالمية الأولى ونهاية سيادة العثمانيين

كانت الحرب العالمية الأولى 1914م هي القشة التي قطمت ظهر البعير بصدد الوجود العثماني في مصر، في ظل إعلان الحماية البريطانية على مصر 1914م – 1917م والتي كان لها نتائج مجحفة للمصريين وللوضع المصري بشكل عام، حيث تم استبدال الخديوي عباس حلمي بعمه حسين كامل ومنحه لقب سلطان مصر ليفقد وقتها السلطان العثماني لقبه وشخصه وأيضًا وجوده في مصر.

نشير هنا إلى ثورة 1919م العريقة والتي أثبتت القوة الشعبية المصرية، فهي كانت ثورة بدون قائد بل كانت ثورة شعبية شاملة تريد التخلص من البطش والفساد وتريد التشبث بمن دافع عن القضية المصرية وأراد الخلاص من الاحتلال البريطاني الخارجي والاحتلال الداخلي أيضًا المتمثل في الأسرة العلوية.

صاحب هذه الأحداث تصريح فبراير 1922م المزعوم أنه تصريح استقلال مصر رغم وجود حاميات بريطانية في الأراضي المصرية نصب الأعين، ولكنه كان بمثابة تهدئة لفئات المصريين التي رفضت الوجود البريطاني وحاولت قمعه.

لكن بشكل أو بآخر استقلت مصر عن المملكة المتحدة وغير فؤاد الأول لقبه من سلطان مصر إلى ملكها، واستمر الحال ولم يكن الأفضل حيث كانت الأجواء السياسية التعددية الليبرالية هي المسيطرة على السياسة المصرية منذ 1923م حتى شهدت مصر ثورة يوليو 1952م، والتي يعدها البعض انقلابًا عسكريًا أكثر من كونها ثورة، حيث من قام بها هم ضباط من الجيش المصري.

استطاع ضباط الثورة (الضباط الأحرار) أن يجعلوا الملك فاروق يتنازل عن الحكم ويغادر البلاد، واستطاعوا بذلك فرض سيطرتهم على زمام الحكم، متمسكين بأحقية تنازل الملك عن حكم مصر حيث فساده وعدم صلاحيته كحاكم.

استشهد الضباط الأحرار بحرب فلسطين 1948م التي كانت مجحفة وبكل المقاييس للجيش المصري، حيث أرسلهم الملك بأسلحة فاسدة ألحقت الهزيمة بدلًا من جلب النصر ولم يخف هنا دور البطانة الفاسدة حول الملك الأمر الذي تسبب في ضياع فلسطين والاعتراف بدولة إسرائيل.

يمكنك أيضًا الاضلاع على: الخط الزمني للعصور التاريخية وأهم الصعوبات التي واجهت العلماء أثناء تحديده

الجلاء البريطاني وبداية السياسة الناصرية

انتصف تاريخ مصر الحديث والمعاصر بعد نجاح ثورة يوليو وظهور جمال عبد الناصر زعيمًا لها، فأصبح الرجل الأول الذي يصلح كقائد لقوميته العربية التي تمسك بها ودافع عنها حتى نهاية عهده.

في عهده بدأ الاهتمام بشئون مصر في كافة المجالات ومن أبرزها القطاع الزراعي والاقتصادي بصفة عامة، ونشير إلى إنشاء السد العالي 1960 -1970م، وأصبحت مصر دولة ذات مبادئ فكرية وعقائدية تدافع عنها وتشجع الدول على الالتفاف حولها.

تأصلت بعض تلك المبادئ في حركة عدم الانحياز 1955م، والتي صاحبها رفض سياسة الأحلاف الغربية أو التبعية الغربية بكل أشكالها، الأمر الذي جعل لمصر أعداء يريدون التصدي لناصر وسياسته وإخضاع مصر، أبرزهم كانت الولايات المتحدة الأمريكية الرافضة لحركة عدم الانحياز، والتي تريد أيضًا ملء فراغ الوجود البريطاني في مصر.

كانت الولايات المتحدة تدعم أي دولة تريد التحالف معها وتساندها، بالأخص الدول التي كانت تحت الاحتلال البريطاني سابقًا.

فكان حلف بغداد 1955م ردًا من المعسكر الغربي لسياسة ناصر، الأمر الذي تبعه تأميم قناة السويس كشركة مساهمة مصرية 1956م، فكانت حجة للعدوان الثلاثي على مصر والذي اشتركت فيه كل من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل وكل منهم له أسبابه -الواهية-.

كانت السياسة الغربية الإمبريالية في الفترة 1955م -1970م تريد إفشال الوحدة العربية وإفشال أي محاولات من السياسة الناصرية في ترسيخها، وتم شق الصف العربي حيث سياسة الصراعات والمحاور العربية الناتجة عن وجود أنظمة تقدمية أغلبها جمهوريات أهمها مصر، وأنظمة محافظة أغلبها ملكيات.

جاء العدوان الإسرائيلي على مصر ليستنزف ما تبقى من قوتها وكان نكسة على المصريين وعلى الحكومة المصرية، الأمر الذي أدى في النهاية إلى وفاة عبد الناصر أثناء فترة حكمه، وتسلم محمد أنور السادات الراية من بعده.

السادات ودور صانع السلام

بدأ السادات عهده بالسير في الخطوط العريضة لسابقه عبد الناصر ولكنه اتبع سياسة هجومية جريئة تمثلت في حرب أكتوبر المجيدة التي عصفت بغتة بالقوات الإسرائيلية، وأثبتت كفاءة مصرية دعمها السادات بالتضامن العربي.

كانت هذه الحرب هي أبلغ دليل على توحيد الصف العربي بوضع القوات الإسرائيلية بين كفي كماشة القوات السورية والمصرية لاسترداد الأراضي المحتلة، فكان هجومًا متزامنًا منسقًا من شبه الجزيرة العربية والجولان.

ظهر بعدها السادات بتبني دور صانع السلام على المستوى المحلى والإقليمي بل والعالمي أيضًا، حيث اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام 1978م التي أثارت الضجر الواسع على المستوى العربي، الأمر الذي عزل مصر عن جامعة الدول العربية قرابة العشر سنوات إلى أن استرجعت عضويتها مرة أخرى في عهد مبارك في 1989م.

تم اغتيال السادات في 1981م ليبدأ بعدها عهد مبارك الذي اتبع سياسة متوازنة وتختلف عن أفكار سابقيه، وفي عهده تزايد الدور المصري في القارة السمراء.

انتعش اقتصاد مصر في فترة التسعينيات وحتى 2000م حيث تم تخفيف عبء الديون المصرية استنادًا إلى مساعدات صندوق النقد الدولي ونادى باريس، ونشير أن الاقتصاد المصري كان يصطبغ بالاندماج الدولي في الاقتصاد الرأسمالي العالمي.

لكن كان هناك تخبط سياسى ناجم عن الاستبدادية وسيطرة الحزب الواحد، الأمر الذي لم يختلف عن سابقه كثيرًا في سيطرة الرجل الواحد والقرار الفردي الساداتي.

يمكنك أيضًا الاضلاع على: أسئلة في التاريخ الاسلامي واجوبتها 2024

إن من يستقرئ أحداث تاريخ مصر الحديث والمعاصر يجده مكملًا لتاريخها القديم المجيد فنعد ثورة يوليو 1952م مثلًا امتدادًا لثورة 1919م التي رسخت الوعي عند المصريين بضرورة وجود كيان مصري خالص غير تابع يدافع عن أراضيه من أي مستعمر، ونجد أن من يشكل تاريخها هو قرارات أبناءها الحاسمة والتي تبنى المكانة المصرية على المستوى المحلى أو الدولي تلك المكانة التي لا يصح لمصر أن تتنازل عنها رغم وجود تحديات وعقبات دائمًا أمامها.


شارك