تجربتي مع سورة الكوثر
تجربتي مع سورة الكوثر كانت تجربة فاضلة من خلال تعلم كل ما تحمله السورة من معانٍ جليلة، حيث إن لكل سورة قرآنية حكمة معينة، كما كان لنزولها سببًا وتوضيحًا لبعض الأمور للعباد، بالتالي بما تحمله النصوص القرآنية من دلالات ومعانٍ يجب ألا نتغافل عنها، بل نضعها في اعتبارنا دائمًا في أمور حياتنا شتى، ومن خلال موقع ايوا مصر سأشرح لكم تجربتي مع سورة الكوثر.
تجربتي مع سورة الكوثر
إنه من خلال قراءة القرآن نتفقه لندرك حقائق الأمور، بالتالي لا تعد قراءة لمجرد كونها قراءة بلا تدبر، بل هي ما بين التلاوة والإنصات يجب أن يشملها التفكر في آيات الله ومعرفة ما وراءها ومُرادها، وهنا كانت تجربتي مع سورة الكوثر.
قد قال الله -تعالى- في سورة الكوثر: “إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ (3)”.
فسورة الكوثر تعتبر من أقل السور في عدد الآيات، علاوةً على كونها أقصر سورة في القرآن، فهي من حيث الحروف أقل من السور التي آياتها ثلاثة كالعصر والنصر، وهذا لا يمنع من كونها تحمل معانٍ كثيرة، وهي موجودة بآخر جزء بالقرآن الكريم وهو الجزء الثلاثون، كما أن ترتيبها في المصحف الشريف هو 108.
حول تفسير سورة الكوثر
إن الله قد ذكر بسورة الكوثر نهر الكوثر إشارةً إلى الخير الوفير، فهو حوض النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الآخرة، الذي بمجرد أن يشرب العبد منه لا يظمأ بعدها أبدًا، كما أن من يشرب منه ينل شفاعة النبيّ الكريم.
نشير هنا إلى الحديث الشريف: “أتَدْرُونَ ما الكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه نَهْرٌ وعَدَنِيهِ رَبِّي عزَّ وجلَّ، عليه خَيْرٌ كَثِيرٌ، هو حَوْضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يَومَ القِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فيُخْتَلَجُ العَبْدُ منهمْ، فأقُولُ: رَبِّ، إنَّه مِن أُمَّتي فيَقولُ: ما تَدْرِي ما أحْدَثَتْ بَعْدَكَ” (صحيح مسلم).
كما أن السورة تحمل ردًا على من كان يعتدي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بالفحش والقبيح من القول، لأن هناك من كان يصف النبي بأنه أبتر؛ وذلك لأن ليس له ولد، فإن مات لا يجد من يحمل اسمه من بعده.
لذلك أنزل الله تلك الآيات دفاعًا منه -عز وجل- عن الرسول الكريم، كما أن فيها من المعنى الضمني ما يريد الله -سبحانه وتعالى- إيصاله للمؤمنين بأن تطمئن قلوبهم لأن الله بجوارهم أبدًا، سينصرهم على الكفار المتربصين بأهل الخير والحق.
فضل سورة الكوثر
من خلال تجربتي مع سورة الكوثر والمداومة على قراءتها قد وجدت من فضلها ما لا يعد ولا يُحصى، فعلى الرغم من أن سورة الكوثر لم يثبت في فضلها كما ثبت لغيرها من سور القرآن، لكن بوسعي أن أشير لكم عن خلاصة تجربتي من فضل سورة الكوثر في السطور التالية:
يكفي أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد استبشر بالسورة الكريمة عند نزولها، فنشير هنا إلى حديث الرسول واستبشاره بالكوثر في قوله -صلى الله عليه وسلم-: “لَمَّا عُرِجَ بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى السَّمَاءِ، قالَ: أتَيْتُ علَى نَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا، فَقُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ” (صحيح البخاري).
نجد البعض يفسر دلالة إعجازية في نزول سورة الكوثر، بأنها أخبرت الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه سيحصل على النسل كالكوثر من ابنته الزهراء فاطمة -رضي الله عنها-، وهو ما تجلى في سيدنا الحسن والحسين -رضي الله عنهما-، لكن لا يوجد من الأحاديث ما يؤكد ذلك.
إن الشخص الذي يداوم على قراءة سورة الكوثر يرزقه الله من لين القلب والخشوع، حتى يكون ثابتًا مستقيمًا لا يعصي الله ويتجنب الفواحش.
ثواب قراءة سورة الكوثر
إن لكل ما يفعله المؤمن من عبادات وهو صادق النية يجد الجزاء والثواب العظيم من الله -عز وجل-، لذلك أذكر لكم ثواب قراءة سورة الكوثر، وأحثكم بالمداومة على قراءتها لنيل الثواب من الله أجمعين.
إن قرآن الله كله خيرًا وعند قراءة آياته بتدبر وإتقان ننال كل الخير والثواب، لكن من الثواب الذي نعلمه جراء قراءة بعض السور يجعلنا نعزم النية على القراءة والانتظام، وهذا من فضل الله.
من يقرأ سورة الكوثر في الصلوات الخمس المفروضة، وفي الصلوات النوافل أيضًا يسقيه الله يوم القيامة من ماء نهر الكوثر، تكون شربةً لا يظمأ بعدها أبدًا.
كما أن من داوم على قراءتها كان له بعدد من قدم قربانًا يوم النحر 10 حسنات، وما أعظم الثواب في ذلك.
من يعتاد على قراءة سورة الكوثر قبل أن يخلد إلى النوم يُبشره الله بالخير الوفير في الدنيا والآخرة.
يُقال إن من يقرأها ألف مرة قبل منامه يرى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المنام، بالإضافة أن من يقرأها في ليلته الجمعة مائة مرة يرى الرسول في منامه، لكن لا أستطيع أن أجزم بذلك، كون ما نراه في المنام من علم الغيب، والله وحده هو من لديه علم الغيب ولا شك في ذلك.
سورة الكوثر للزواج
من ضمن ما يُذكر في فضل قراءة سورة الكوثر أن من يداوم على قراءتها ما يقرب من 70 مرة كل يوم صباحًا ومساءً يرزقه الله من فضله بأن يتم زواجه خيرًا، فإن كانت أنثى رزقها الله بالزوج الصالح، وإن كان رجلًا أنعم الله عليه بالزوجة التقية الصالحة، وهذا ما تم قوله سواء عن قراءتها أو حتى كتابتها 70 مرة.
علاوةً على أن قراءة سورة الكوثر مائة مرة، ومن ثم الدعاء لله بطلب الرزق والاستمرار على ذلك لمدة أسبوعين؛ سيرزقه الله بالزوج الصالح والذرية الطيبة، ويستجيب لدعائه.
هناك الكثير من يبحث عن طرق يسيرة من أجل أن يرزقه الله بالزواج؛ فهو سنة الحياة للخلق، أما عن مدى صحة قراءة سورة الكوثر من أجل طلب الزواج فنشير أن ذلك الأمر يخلو من الصحة والمنطق أيضًا.
لا نشير هنا أن سورة الكوثر ليس لقراءتها الفضل بأن يرزق الله العبد بنعمة الزواج الصالح، لكن الزواج من ضمن الغيبيات التي لا يعلم ميقاتها إلا الله، فإن كان الله قد كتب لعبد أن زواجه في وقت محدد، لا يُمكن عند قراءة السورة في عدد أيام محدد أن يغير هذا القدر المكتوب.
من ناحية أخرى، لا يوجد هناك إثباتًا في الشريعة الإسلامية على أن هناك سورة معينة يتم تخصيصها لغرض معين لتيسيره في أمور الدنيا، فكما أشرنا أن قراءة القرآن كله خيرًا ومنه الثواب، لذلك لا يجب أن نضع في اعتقادنا به ما ليس الله بواضعه.
خلاصة تجربتي مع سورة الكوثر
أشير بدايةً هنا إلى قول الله -تعالى- في سورة البقرة: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” (الآية 186)، لأخبركم من خلال تجربتي في قراءة سورة الكوثر، أن الله أقرب إلينا من حبل الوريد، وهو عالم بالنفوس وخفاياها.
لذلك فإن الأجدر في أن يشغل أمرنا ليس الكيفية، وإنما في يقيننا بالله بأنه حتمًا سيأتينا بكل الخير والفضل من عنده، فنعمل على التقرب إليه -سبحانه وتعالى- بالعبادات وأفضل ما يحب أن نفعل.
فقراءة القرآن من أحب العبادات إلى الله في كل الأوقات، يكفي أن يتذكر العبد قراءة القرآن في يومه ويلتزم بذلك، بل يكفي أن يتدبر في عدد قليل من الآيات التي يقرأها خير له من أن يلتزم بعدد كبير ومحدد لا يسعه أن يلتزم، فالدين في الأساس هو اليسر؛ لذلك من يريد من الله أن يجيب طلبه عليه أن يجعل نفسه أولًا من المؤمنين المخلصين في العبادة المقربين إلى الله -عز وجلّ-.
قدمت لكم خلاصة تجربتي مع سورة الكوثر، وما أدركته من فضل قراءتها والثواب والجزاء من عند الله على المداومة على تلاوتها، وقدمت لكم تفسيرها كما ذُكر في سبب نزول آياتها الكريمة.