هل يجوز للقاضي خلع الزوج دون رضاه

منذ 12 أيام
هل يجوز للقاضي خلع الزوج دون رضاه

هل يجوز للقاضي خلع الزوج دون رضاه؟ هل هذا من حق القضاء؟ فلقد بين الشرع أن الخلع لا يتم إلا من خلال موافقة الزوجين عليه، وذلك لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث هو الذي أخذت به المحاكم حول قانون الخلع، ومن خلال موقع ايوا مصر ننقل لكم الجدل فيه.

هل يجوز للقاضي خلع الزوج دون رضاه؟

كان الخلاف على أمر الخلع وملابساته وظروفه وأحكامه من الأمور التي أثقلت كاهل المشرّع الحديث، إلا أن الأمر من ناحية الشرع فيه بيان الأمر، لكن أهواء الناس تجعل من النصوص الثابتة، كأنها تتمايل ميلان الأغصان من الهواء وذلك لاختلاف نواياهم.

فأما الجواب على سؤال موضوعنا هل يجوز للقاضي خلع الزوج دون رضاه؟

فالإجابة: اختلف العلماء في هذا، إلا أن أكثرهم ذهب إلى عدم جواز خلع القاضي للزوج من دون موافقته عليه.

إلا أن البعض قد أجازوا ذلك في حال تضرر الزوجة من البقاء على ذمة الزوج، وامتناع الزوج من خلعها، عندها أجاز العلماء للقاضي بجواز الخلع، بشرط أن تكون المرأة متضررة بالفعل من بقائها.

قانون رقم 1 لسنة 2000 (بالسعودية)

نصت المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 على أن الزوجين يجب أن يتراضيا على الخلع، في حالة عدم التراضِ، مع إقامة الزوجة للدعوى القضائية بطلب الخلع، فإذا تنازلت عن جميع حقوقها المالية الشرعية من النفقات، ثم ردت له الصداق الذي دفعه، قامت المحكمة بالتطليق.

يقول المشرع المصري أن التطليق طلقة بائنة بالخلع لا يتوقف شرعًا على موافقة الزوج، فللزوجة أن تطلب الخلع من الزوج، ويحكم لها القاضي بهذا، فمجرد تنازلها عن مستحقاتها المالية المترتبة على الطلاق أجاز للقاضي أن يحكم لها بطلقة بائنة وأن يتحقق الخلع.

ففي حالة بغض الزوجة من معاشرة الزوج، وإقرارها أمام القاضي بأن الحياة مع الزوج مستحيلة، وأنها تخشى ألا تقيم حدود الله بسبب بغضها له، يعطي هذا حق للقضاء بتنفيذ الخلع.

أما مسألة إعلام الزوج بدعوى الخلع، فيعتبرها المشرع مسألة قضائية بحتة، وذلك بأن الدعوى تتم بواسطة المحضر تحت عين المحكمة والقضاء، لذلك يعد الحكم نهائيًا بالخلع في حال تم النطق به.

ويتابع المشرع بأنه حاز على حجية الحكم القانونية والشرعية بحسب الوارد فيه، فعلى من يجد تدليس أو تزوير أو بطلان بالدعوى، فعليه اتباع الطرق المتفق عليها قانونيًا.

كما أنه متى التزمت المدعية بالإجراءات القانونية، فإنها تقضي بالخلع رغمًا عن الزوج، حتى مع اعتراضه بحضوره أمام القاضي، أو غيابه عن الجلسة.

جواب مركز الأزهر للفتوى

أجاب مركز الأزهر للفتوى عن السؤال الذي نناقشه في موضوعنا هل يجوز للقاضي خلع الزوج دون رضاه؟

فكان الجواب بالنص التالي: جعل الشرع الخلع من أساليب حل عقد الزواج، مقابل عوض تلتزم به المرأة، قال – تعالى -: (…وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ…).

       [229 البقرة]

كما أنه في الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه (أنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ أتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، ما أعْتِبُ عليه في خُلُقٍ ولَا دِينٍ، ولَكِنِّي أكْرَهُ الكُفْرَ في الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً) [صحيح البخاري]

فتاوى أخرى حول الخلع

في جواب سؤالنا هل يجوز للقاضي خلع الزوج دون رضاه؟ لإجابات عدة بسبب اختلاف العلماء، إلا أن الغالب ذهب إلى عدم جواز الخلع دون موافقة واضحة من الزوج.

لكن البعض ذهبوا إلى أحقية الزوج في الموافقة على الخلع وعدم وقوعه إلا في حالة التضرر البين للزوجة، وتعذر الإصلاح بينهم، والسبب في ذلك أن:

لا يجوز حمل المرأة على دفع مالها في الخلع على غير موجب، لأن المرأة هي الباذلة للمال في حالة الخلع، كما أن الله تعالى جعل العصمة بيد الرجل لا المرأة، فهو الأعلم بصحة أسباب تركها له من عدمها، فلا يجوز شرعًا أن تخلع المرأة لغير سبب مقنع.

فمن الأولى بدلًا من البدء بالخلع هو تطبيق الخطوات التي تسبق الطلاق، كما أمر الله تعالى، فما الخلع إلا طلاق تخسر فيه الزوجة كل مستحقاتها.

فقد أمر الله تعالى في حالات الشقاق بين الزوجين بالحكمين العادلين، وهذا من قوله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [25 النساء]

فلو لم يستطع الحكمان أن يصلحا بينهما، فالطلاق بلا خُلع لكيلا تفقد الزوجة حقوقها، إلا أن تتنازل عنها.

فإن تعذر الطلاق تعنتًا من الزوج مع استمرارية الشقاق أُجيز للحكمين أن يخلعاها منه مع ردها لما قد أهداها إياه من مال الصداق والنفقات التابعة للزواج.

فكان لرأي الحكمين قرارًا شرعيًا أقوم من قرار القضاء في التشريع، نظرًا لأنهما اطلعا على مجريات الأمور وملابساتها واقعيًا دون غيب.

فلو أن الحكمين طلقا الزوجان سواء كان ذلك بالخلع أو بالطلاق العادي، فإن الطلاق يقع فورًا حتى لو اعترض أحد الزوجين تعنتًا.

إن الجواب على هل يجوز للقاضي خلع الزوج دون رضاه؟ يتوقف على حالة الزوجين أمام القضاء، إلا أن الكفة مرجحة إلى جانب الزوجة، بجواز الخلع.


شارك