هل حياة البرزخ أفضل من الدنيا
هل حياة البرزخ أفضل من الدنيا؟ سؤال يخطر على بال الكثيرين من الأشخاص، حيث يذهب الخيال بعيدًا بأن الحياة التي تأتي بعد الموت كلها ظلمة ووحشة، ويتساءل الجميع عما إذا كانت هذه الحياة أو حياة البرزخ حالها كحال حياة الإنسان في دنياه أم أنها تختلف، من المؤكد أن حياة البرزخ تختلف عن الحياة الدنيا اختلافات متعددة، لكن أيهما أفضل؟
هل حياة البرزخ أفضل من الدنيا
قسم المفسرون وعلماء الدين حياة الإنسان إلى ثلاث مراحل: حياة الدنيا، حياة البرزخ، الحياة الآخرة، تأتي حياته في البرزخ في منتصف رحلته إلى الآخرة، لكن ما معنى البرزخ؟ وما هي مكنونية هذه الحياة؟:
- معنى البرزخ في اللغة أنه الحاجز المتواجد بين شيئين، أما حياة البرزخ فهي الفترة التي تعقب خروج الإنسان من حياته الدنيا واستعداد دخول حياة الآخرة.
- يقول المولى عز وجل في سورة المؤمنون ” لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ”.
- ذكرت كلمة برزخ في موضع آخر في القرآن في سورة الرحمن: “بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ” يشير البرزخ هنا إلى الفاصل ما بين البحرين.
- البرزخ هي حياة تعقب الموت في الدنيا، وهي المدة التي يمضيها الإنسان بعد الخروج من الدنيا وقبل الذهاب إلى الآخرة.
- قام المفسرون بتوضيح مفهوم البرزخ بأنه الوقت الذي يلي فترة الموت مباشرةً، على هذا فإن البرزخ هو الفاصل بين الموت والبعث، أو أنه الوقت ما بين الحياة الدنيا والآخرة.
اقرأ ايضًا: ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار
متى تبدأ حياة البرزخ؟
- تبدأ فور دخول الميت إلى قبره، وسماعه صوت مشيعيه يغادرون من حوله، على هذا حياة البرزخ كما ثبت في التفاسير تأتي منذ لحظة خروج الروح من الجسد ثم ذهابه وعروجه إلى الدار الآخرة، تبدأ هذه الحياة في منزلها الأول وهو القبر بما يشتمل عليه من أهوال وأحوال وسؤال، والتي يبدأ فيها الميت حياته الوسطية (حياة البرزخ).
- تأتي مرحلة تحديد منزلة هذا الميت في الآخرة من منزله ذلك (حياة البرزخ)، حيث يقول المولى تبارك وتعالى في سورة الزلزلة “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه”.
- تحدد في القبور مصائر العباد، فمن كان عبدًا مؤمنًا طائعا مدد الله عزّ وجل في قبره ووسعه عليه، خاصةً إذا مات على عقيدة الإسلام الحنيف الوسطى.
- أما من مات كافرًا فإنه يرى ألوان من العذاب في قبره، حيث يضيق عليه القبر، ويصبح كأنه جزء من نار جهنم، ويرى حر نارها وعذابها، ويرى آفاتها ومساوئها على مقدار ما فعل في دنياه من ظلم لنفسه وعذابها.
- يجعل الله عبده الصالح مستبشرًا في قبره وفي حياة البرزخ التي يحياها، فيزيده الله نورًا على نور قبره، ويزداد نعيمه على النعيم المحيط به.
- أما من أساء عاقبة أمره فيزداد همًا وغمًا بما اقترفت يداه فهو يخلد فيها إلى يوم البعث.
اقرأ ايضًا: دعاء التوبة والرجوع إلى الله
حياة الميت في البرزخ
-
- هل حياة البرزخ أفضل من الدنيا؟، لمعرفة الإجابة عن هذا التساؤل نتعرف على الآراء والأفكار المتعلقة بهذه الحياة والتي وردت في السير النبوية وتفسيرات علماء الدين.
- ورد في الحديث النبوي أن المؤمن الذي يتوفى في يوم الجمعة ينال من ربه حصن ووقاية من عذاب الآخرة، أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم وقال “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمعَةِ”.
- الأحاديث النبوية فيها دلالة كذلك على أن الموتى يلاقوا بعضهم البعض في حياة البرزخ ويتحدثون فيما بينهم.
- ورد كذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن الشخص الحي إن مر بقبر ميت وسلم عليه فإن سلامه يصل للميت بل ويرده عليه كذلك، فقال:”مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ”.
- كما أن الروح سر من أسرار خلق الله العظيم في الدنيا حيث قال سبحانه: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا”، فإنها تظل كذلك في حياة البرزخ، وقد ظلت محاولات البشر لمعرفة مكنونية هذه الروح وخواصها لكنه لم يستطع، كذلك لم يكن بمقدوره معرفة حياة البرزخ كيف تكون وما يتم بها من أحداث.
- أراد الله سبحانه وتعالى للإنسان أن يعلم ما يشاء بقدر ما يشاء في الحياة الدنيا، لكن ما بعد هذه الحياة الدنيا هو أمر من أمور وأسرار الله عزّ وجل التي يخفيها عن عباده، وإرادة الله إن شاءت أن تعلم الإنسان بما بعد الموت لكان كل شيء مذكور وواضح في القرآن الكريم.
- والإنسان الحكيم المتدبر في آيات الله يعلم أنه محدود الصفات والقدرات، ولا يحمله الله ما فوق سعته وطاقته، لو أراد الله أن يكشف عما بعد الموت لفعل ذلك لكنه رحيم بعباده يخفي عنهم ألوان العذاب أو الثواب والعقاب ذلك لحكمة مقدرة لا يعلمها إلا هو.
- حياة البرزخ يرى فيها الميت كل ما كان خفي عنه في دنياه، فهو يتحرر من الجسد والحياة الدنيا إلى حياة الروح والنور ورؤية الحق.
- هل حياة البرزخ أفضل من الدنيا؟ تأتي الإجابة عن طريق التأمل في هذه الحياة فلو أراد الله لكانت تكرارًا للأحداث الدنيوية، لكن ليس ذلك مما هو مراد منها، بل إنها مثل مرحلة انتقالية تسبق الدار الآخرة وما بها من نعيم أو عذاب.
اقرأ ايضًا: تفسير حلم رؤية الجنة في المنام
حياة البرزخ وسؤال الميت في القبر
يتساءل المرء عن هل حياة البرزخ أفضل من الدنيا، فيتضح له أن الحياة الدنيا ميزها ربنا بمميزات فهي دار عمل ومتع وتعب وشفاء واختيار المرء لطريقه فيها هو ما يحدد الحيوات التالية، سواءً حياة البرزخ أو حياته في الدار الآخرة، أما ما يحدث للمرء بعد موته فهو يتم كما يلي:
- الإنسان بعد موته يتم سؤاله في القبر عن أعماله في حياته الدنيا، حتى إن اختلفت طريقة موته بالغرق أو الحرق أو قطعت أعضاؤه ومات.
- يسأله الملكين عن أعمال حياته إن كانت خيرًا فإنه يلقى نعيمًا في قبره، وإن كانت شرا فإنه ينال شر مثله.
- حياة البرزخ يحدث فيها أن تعود الروح إلى الجسد، ويأتي ملك مرسل من ربه يسأل الميت أسئلة عدة منها: (من ربك، وما دينك، ومن نبيك المرسل إلى قومك).
- يرد المؤمن بأنه عبد من عباد الله الواحد الأحد، وأن دينه الاسلام، وأنه يتبع النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- الكافر أو المنافق أو العاصي يرد بأنه لا يعلم، فيرد إلى أشد أنواع العذاب في قبره.
- أول شيء يبدأ به الإنسان حياة البرزخ هو حساب القبر، وقد وصانا النبي صلى الله عليه وسلم على الميت حيث كان النبي ﷺ إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه” فقالَ: استغفِروا لأخيكُم ، وسَلوا لَهُ التَّثبيتَ ، فإنَّهُ الآنَ يُسأَلُ”.
- يأتي بعد ذلك ملكين اسودين أو ازرقين خصهما رب العالمين لسؤال الميت في قبره.
الأعمال الشافعة للإنسان في حياة البرزخ
يقول النبي ﷺ: “إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له” رواه مسلم، بعد وفاة أي شخص يكون كالغريق الذي يتعلق بقشة صغيرة لتنقذه، يتمنى أن يشفع له حتى لو عمل صالح واحد يساعده على تخطي عذاب القبر، والتنعم في حياة البرزخ وفي داره الآخرة.
هل حياة البرزخ أفضل من الدنيا؟ هل هو سؤال أم توقع ما يتوق إليه الإنسان في حياة البرزخ التي سوف يحياها؟ على هذا يجب أن يحرص المسلم في دنياه على القيام بصالح الأعمال لينعم في حياة البرزخ وفي الدار الآخرة.