هل حلق اللحية من الكبائر
هل حلق اللحية من الكبائر؟ وما آراء المذاهب في ذلك؟ فقضية حلق اللحية يهتم بها الرجال ويتساءلون عن حكم حلاقتها، فعندما يتحدث الناس عن اللحية توجد فئة تغالي في الأمر، بل وتصدر أحكامًا ما أنزل بها من سلطان.
أناس آخرون على النقيض وفي غاية التفريط، وبين هذا وذاك، فيحتار من يريد أن يسير على أوسط الأمور، لذا ومن خلال موقع ايوا مصر سنجيب على سؤال هل حلق اللحية من الكبائر؟
هل حلق اللحية من الكبائر؟
كلمة كبائر هي جمع كبيرة، وهذه الكلمة في الإسلام ليست كلمة هينة ولا ينبغي أن يتم الاستهانة بها، فالكبائر هي الذنوب العظيمة، كما أن تعريفها عند جمهور العلماء أنها المعاصي أو الذنوب، التي تم تحديد عقوبة لها في الشرع في الدنيا والآخرة.
على سبيل المثال الزنا من الكبائر وقد حُددت له عقوبة، أيضًا الربا، والقتل، وشرب الخمر من الكبائر، وأكبر الكبائر هي الشرك بالله.
بتعريفنا الكبائر ننتقل إلى الإجابة على سؤال هل حلق اللحية من الكبائر؟ فتكون الإجابة أن حلق اللحية ليس من الكبائر، لكنه ذنب يحاسب عليه المسلم.
حيث اختلف العلماء بين أن الأمر واجب أو مندوب، وفي الأمور الواجبة يكون عدم فعلها حرام، أما الأمور المندوبة فعدم فعلها يكون فيه كراهة.
آراء العلماء في حلق اللحية
علينا أن نعلم بعدما أجبنا على سؤال هل حلق اللحية من الكبائر؟ أن الرسول أمرنا في أحاديث صحاح بأن يترك الإنسان لحيته، وأن يعفيها فقال في حديث صحيح لعبد الله بن عمر “أَحْفُوا الشَّوارِبَ وأَعْفُوا اللِّحَى“.
في رواية أخرى ” أرخوا اللحى” وفي رواية “وفروا اللحى“، وفي أخرى “ وأَوْفُوا اللِّحَى” أربع روايات صحيحة وردت بهذا النحو كلها تفيد أن يترك الإنسان لحيته، وألا يحلقها.
بناء على ما سبق هل إن حلق الفرد لحيته أصبح آثم؟ أم أن الأمر مدلوله هو الندب، بمعنى أن الإنسان إذا حلق لحيته فقد أتى خلاف الأَولى، وأنه أتى بمكروه على حد أقوال الفقهاء في القضية، في الحقيقة يوجد في هذا الأمر مذهبان، وسنعرضهم فيما يلي:
مذهب جمهور الفقهاء
المذهب الأول هو جمهور الفقهاء الذين يقولون إن الأمر الذي ورد في هذه الأحاديث قد خرج مخرج الوجوب، فهو دال على أنه يجب على المسلم أن يعفي لحيته، فإذا حلق الفرد لحيته فهو آثم.
مذهب الشافعية
المذهب الثاني في حكم حلق اللحية هو قول الشافعية، وفيه إن الأمر في هذه الأحاديث إنما هو للندب وليس للوجوب، كما قالوا إن الأمر تعلق بالعادات، وهي قص الشارب وإعفاء اللحية.
هذا إن دل فإنما يدل على أنه يراد به الاستحباب ولا يراد به الوجوب، وجعلوا تعلق الأمر بتعلق الأمر بالعادات من صوارف الأمر من الوجوب إلى الندب.
فالمقصود بالصوارف في الفقه الأمور التي تصرف الفعل أو الأمر من دلالته على الوجوب أو اقتضائه الوجوب، إلى أن يقتضي الندب وليس الوجوب.
فقد قالوا إن الأمر متعلق بالعادات مثل اللحية أو تغطية الآنية في بعض الأحاديث، كما ورد في الأمر بصبغ اللحى وتغيير الشيب، وكذلك كما ورد في الأمر بلبس النعال والخفاف، فقالوا كل هذه الأوامر هي تدل على الندب وليس على الوجوب، وكذلك قضية اللحية.
فهذا بالنسبة للشافعية كما ذكر الإمام النووي كراهة حلق اللحية وليس حرمتها.
حكم حلق اللحية
الملخص لهذه القضية أن الأئمة الأربعة قالوا إنها مطلوبة، وأنها من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فمن يحلقها فإما أن يكون قد أتى مكروه أو قد أتى حرام، لذلك في كل الأحوال إعفائها مطلوب، وتكون هذه تتمة إجابتنا على سؤال هل حلق اللحية من الكبائر؟
لا أحب إعفاء لحيتي ماذا أفعل
بعدما أجبنا على سؤال هل حلق اللحية من الكبائر؟ علينا العلم أن وظيفتنا كمسلمين تلقي ما أمرنا الله، وما أرشد إليه النبي ونسلم به ونلتزم به فنسلم ونغنم، فالإمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية يقول فلا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام.
فلا يجب أن يقول قائل إنه هل ستكمل اللحية لي ديني؟ فلنفرض أن الله أراد بهذه اللحية كمالًا للدين فما الذي يضيرنا.
كما أن الأنبياء كانوا يعفون لحاهم، والدليل على ذلك قصة سيدنا هارون مع سيدنا موسى عندما قال له “…لا تأخذ بلحيتي…” عندما عاد ووجد قومه يعبدون العجل.
فالبعض يستهين بالأمر بل ويسخر منه أو من يقوم بهذا الأمر إن أخذنا الأمور بحسن الظن سنقول إنه يمزح لكن لا يعلم ما يقوله.
لذلك لا يجوز أن نجعل سنة النبي محل استهزاء أو محل نقد كما يفعل البعض، كأن يقول البعض لمن يعفون لحاهم ” ذقنه زي المقشة” فمن يفعل ذلك يسخر من أمر كان عليه النبي.
كما يقول البعض أن الناس هل الدين كله في اللحية؟ أو أن الناس اختصرت الدين في اللحية، فنقول إن الدين ليس اللحية لكن اللحية من الدين، لأن النبي أرشدنا إليها.
فمن لم يريد إعفائها فهو حر، لكن لا يجوز السب أو الخطأ أو بغض من يترك لحيته، لذلك واجب على المسلم أن يجعل في قلبه قبولًا لما أمر به النبي، فقد قال سبحانه في كتابه: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، سورة الأحزاب الآية 21.
سنفترض أن النبي لم يقل “وفروا اللحى” إنما هو كان ملتحيًا عليه الصلاة والسلام، فأحب البعض أن يعفو لحيته حبًا في مظهر النبي.
الطريقة الصحيحة لإعفاء اللحية
اهتم الإسلام بكل أمور المسلم من حيث المظهر أو الجوهر، فالجوهر نعرفه من حيث الأركان والعبادات التي فرضها الله علينا، أما إذا انتقلنا إلى المظهر فنجد أحاديث كثيرة يحثنا فيها النبي على الاهتمام بالمظهر والنظافة الشخصية.
فاللحية كما ذكرنا أنه مطلوب إعفائها، لكن يجب عند إعفاء اللحية أن نعلم أنه عندما يقوم الشخص بإعفاء لحيته لا يجب أن تتشوه صورته، حيث إن بعض الرجال عندما يعفون لحاهم يتركونها ولا يقومون بتهذيبها.
لكن ما كان يفعله الصحابة غير ذلك فعبد الله بن عمر كان يجعل لحيته مقدار قبضة يده، وما زاد عن ذلك قصره.
بالنسبة للشارب فالأمر فيه سعة فأما تقصيره أو حفه أو حلقه، وفي هذا أيضًا اهتمام بالمسلم ومظهره ونظافته الشخصية، فالرجال يعلمون أنه عندما يطول الشارب أكثر من اللازم من الممكن أن تتجمع فيه الأوساخ عند الأكل.
كما أن مظهر الرجل يكون سيئ جدًا عندما يأكل ويظل الطعام أو الشراب على شاربه.
الحكمة من إعفاء اللحية وحف الشارب
عندما يأمرنا النبي أن نفعل شيء أو ينهانا عنه، فكل مسلم على يقين أن هذا الأمر أو النهي يعود بالفائدة على عليه، سواء في دنياه أو في آخرته.
لكن كثيرًا ما نسأل عن سبب إعفاء اللحية وعدم حلقها، وأول إجابة تأتينا من حديث عبد الله بن عمر في حديث صحيح بصحيح مسلم.
“خَالِفُوا المُشْرِكِينَ؛ وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ. وَكانَ ابنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ علَى لِحْيَتِهِ، فَما فَضَلَ أَخَذَهُ”.
ففي هذا الحديث يأمرنا النبي بأن نخالف المشركين، والمقصود بالمشركين في هذا الحديث هم المجوس، حيث إنهم كانوا يحلقون لحاهم ويطلقون شواربهم.
فالرسول كان يحرص على أن يكون المسلم متميز في مظهره، ولا يُحكم عليه بأنه يتشبه بأحد، كما أنه يجب أن يكون له سمات خاصة به، فهذا سبب من الأسباب.
السبب الآخر أنه في حديث سنن الفطرة العشرة كان منها قص الشارب وإعفاء اللحية، إذن فتلك من أمور النظافة الشخصية التي يجب أن يمتثل المسلم لها، ذلك بجانب أنه من الممكن أن يعود عليك شيء بالنفع لكنك لا تعلم الفائدة أو الغرض من هذا الأمر.
فمثلًا لماذا نصلي الظهر أربع ركعات وليس خمسة مثلًا، وأمور أخرى كثيرة لذلك ما أمرنا به الرسول علينا أن نفعله، فما يفعله المحبون هو أن يسيروا على نهج من يحبون.
أغلب الظن أن من يسأل عن أحكام دينه فبقلبه مهابه من الله، فيمتنع عن كل ما قد يكون سببًا في بعده عن ربه، ولو كانت أبسط الأمور كحلق اللحية.