هل يعرف الطفل الميت والديه
هل يعرف الطفل الميت والديه؟ سؤال لطالما ردده الكثير من الناس، فهناك العديد والعديد ممن ابتلاهم الله تعالى بموت أطفالهم الصغار لحكمة منه ولا يعلمها إلا هو وحده عز وجل، وكما عودنا الله العزيز الجبار أنه لكل ابتلاء فرج كبير وأجر عظيم، فمن احتسب وصبر فرج الله همه ورفع ابتلاءه وكافأه في الدنيا وله في الآخرة أجر كبير.
هل يعرف الطفل الميت والديه وما فضل من مات له أطفال صغار
إن الأهالي الذين يفقدون أولادهم وهم صغار لم يبلغوا بعد فقد خصص لهم الله عز وجل نصيب من الأجر والثواب إذا صبروا واحتسبوا، فالله تعالى كريم رحيم بعباده في كل الأحوال، فقد جاء أجر الله تعالى لمن مات له أطفال صغار بأن يجازيه بالجنة ويحرم جسده على النار رجلا كان أو امرأة، وبهذا يكون موت الأطفال سبب من أسباب دخول والديهم الجنة وتحريمهم من النار، وهذا من فضل الله تعالى على عباده ورحمته بهم وجزاءه العظيم لهم، ونقتبس من قول سيد الخلق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال: ” ما من مسلم يموت ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم”، وعن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد لا تمسه النار إلا تحلة القسم”
فمن يسلم أمره إلى خالقه ويرضي بحكمه وقضاءه سيجزيه الله تعالى خير الدارين، فإن الولد الذي فقدته في دنياك قبل بلوغه الحلم سيأتيك يوم القيامة ويشفع لك عند رب العالمين ويأبى أن يدخل الجنة إلا مصاحبا لك وهذا أكبر دليل على أن الأطفال يعرفون والديهم يوم القيامة، ففي هذا الوقت الذي تحتاج فيه لمثل هذه الشفاعة لتنجيك من عذاب الله تعالى يوم الحساب تتمنى وقتها لو كنت ضحيت بكل أطفالك في سبيل تلك اللحظة التي يمحو فيها الله عز وجل كل ذنوبك الكبائر والصغائر ماعدا الشرك ويدخلك جنته بفضل منه ورحمة، فالأساس في تكريم الله تعالى لك بالجنة هو صبرك عند الابتلاء في دار الدنيا واحتساب فراق ابنك عند الله تعالى، فسبحان لطفك وكرمه ورحمتك يا أرحم الراحمين.
هل يعرف الطفل الميت والديه وأين يكون أطفال المسلمين الذين ماتوا في فترة البرزخ
كما سبق وأن ذكرنا أن الأطفال الذين يتوفاهم الله تعالى وهم لم يبلغوا بعد سوف يكون مثواهم الجنة، فإن مجرد دفنهم سوف ينتقلون إلى الجنة مباشرة ليستقبلهم سيدنا إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة ويكفلان هؤلاء الأطفال في جبل في الجنة إلى أن يأتي يوم القيامة فيردوهم إلى أهلهم فيشفعوا لهم، ونستدل بقول الرسول صلى الله عليهم وسلم حين قال: ” أطفال المؤمنين في جبل من الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة”
فإذا ما ابتلي أحدكم بفقدان أحد أبنائه فليصبر وليحتسبهم عند الله تعالى فإن مقامهم الجنة بإذن الله أين سيشفعون لكم فيها ويأبوا أن يدخلوها إلا مصاحبين لكم، فأبشروا بجزاء عظيم من الله عز وجل إن صبرتم وقلتهم لله ما أعطى ولله ما أخذ وإنا لله وإنا إليه راجعين.
كذلك الأمر بالنسبة لأطفال المشركين فإن الله يدخلهم الجنة باعتبارهم أطفال لا يزالون على الفطرة وهي الإسلام
الدعاء لأطفال المسلمين قبل الدفن
إن الأطفال الذين ماتوا وهم لم يبلغوا الحلم بعد والذين لم يقترفوا أن ذنب في الحياة الدنيا ليحاسبوا عليه، ورغم كل هذا فعلينا الدعاء لهم عقب الصلاة عليهم كما علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم حيث يصلى عليهم كما يصلى على الكبير وندعوا لهم بقولنا: ” اللهم اجعله ذخرًا لوالديه وفرطًا وشفيعًا مجابًا، اللهم أعظم به أجورهما، وثقل به موازينهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وقه برحمتك عذاب الجحيم “؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الطفل يصلى عليه ويدعى لوالديه”.
موت أبناء الرسول صلى الله عليه وسلم وصبره واحتسابه
لقد أبتلي الرسول صلى الله عليه وسلم بموت جميع أولاده الذكور في سن صغير، وذلك لحكمة بالغة من رب العالمين، حيث أنه من المتعارف عليه أن النبوة كانت مورثة من الأنبياء إلى أبناءهم كما كان الحال بالنسبة لسيدنا إبراهيم عليه السلام الذي انتقلت رسالة نبوته إلى أبناءه إسحاق وإسماعيل عليهما السلام، واستمرت في التوارث بين ذرية سيدنا إسحاق عليه السلام حيث انتقلت النبوة لسيدنا يعقوب عليه والسلام وإلى يوسف عليه السلام من بعد أبيه واستمرت النبوة فيما بعد حيث جعلها الله تعالى في بني إسرائيل، وفي القرآن الكريم ما يدل على توارت النبوة حين قال الله تعالى في محكم تنزيله:” وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين”، ونستدل بقصة سيدنا زكريا عليه السلام الذي من الله عليه ورزقه بالذرية التي سيورثها النبوة من بعده وذلك بعد حرمانه منها لوقت طويل إلى أن بلغ من العمر عتيًا فدعا ربه قائلا: ” وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا، يرثني ويرث آل يعقوب واجعله ربي رضيا “، فبشره الله تعالى بولد اسمه يحيا وأنه سيكون هو كذلك نبيا حيث قال الله تعالى: ” فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بحيي مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين “.
لكن الأمر بالنسبة لسيدنا محمد عليه السلام كان مختلفا تماما فإنه خاتم النبيين والمرسلين ولا ينبغي أن تورث النبوة لأحد من أبناءه من بعده، لهذا قضاء الله تعالى في موت أولاده الذكور في حياته صلى الله عليه وسلم حتى تتحقق مشيئة الرب في كون محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ولا نبي بعد يأتي.
صبر سيدنا محمد عليه السلام على فراق أبناءه الثلاثة واحتسبهم عند الله تعالى، وحزن عليهم حزنا شديدا لقوله صلى الله عليه وسلم:” إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإن لفراقك يا إبراهيم لمحزونون”، وهذا أكبر دليل لعظيم أخلاقه وصبره الكبير على فراق أبناءه ورضاه بقدر الله وقضاءه.
وفي الختام نكون قد جاوبنا على سؤال هل الطفل الميت يعرف والديه، وتناولنا نقاط مهمة للغاية في ضرورة صبر الوالدين لفراق أطفالهم وموتهم واحتسابهم عند الله تعالى ورضاهم بقدر الله تعالى وقضائه وأن أطفال سيدخلون الجنة مباشرة بعد موتهم بل وسيكونون شفعاء لهم يوم القيامة
