كم تصبر المرأة على فراق زوجها
كم تصبر المرأة على فراق زوجها في الشرع وما هو الدليل على ذلك؟ كل هذا وأكثر سنعرضه لكم اليوم في هذا المقال المقدم لكم من موقع ايوا مصر.
كثير من الرجال يفارقون أهلهم وأبناءهم وبلدانهم طلبًا للرزق، ولكن في للكثير من الأحيان تطول مدة غيبتهم وسفرهم، فقد تصل لسنة أو أكثر، ولا يدركون الأضرار الوخيمة والآثار السلبية التي يمكن أن تحدث إثر طول غيبتهم.
كم تصبر المرأة على فراق زوجها
الأب يحتاج له أولاده في الكثير من الأمور، والبيئة السليمة التي يجب أن ينمو فيها الأولاد هي البيئة التي تتكون من الأب والأم معًا، ويجب على الأب أن يقف بجانب الأم لمساندتها في تربية الأولاد بشكل جيد، فكيف يحدث ذلك وهو بالخارج!؟، نحن نعلم أن في هذا الزمان كثرت الفتن وفسدت الأخلاق وانحطت، مما يدفعنا لزيادة الاهتمام بالأولاد حرصًا ألا ينساقوا إلى هذا التيار الجارف، ولكن أين يكون الأب من كل هذا.؟
الزواج له أكثر من معنى ومن ضمن معاني الزواج الاستقرار والمعاشرة ولا يتحقق الاستقرار ولا المعاشرة بالسفر، وبذلك لا يكتمل معنى الزواج.
فالمدة التي تصبر فيها المرأة على فارق الزوج هي غالبًا ثلث السنة (أربعة أشهر) وهذا كما ورد في الشرع حيث قال الله جلَّ وعلا في كتابه العزيز: “لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” (سورة البقرة، أية 226)، ولا يجوز للزوج أن يغيب عنها أكثر من ذلك إلا إذا كانت زوجته راضية، وذلك حفاظًا منه على عدم فتنتها وعلى عدم فتنته هو أيضًا.
رأي الإمام أحمد في مدة مدى صبر المرأة على فراق زوجها
قال ابن قدامة: قيل للإمام أحمد: كم يغيب الرجل عن زوجته؟ قال: ستة أشهر، يكتب إليه فإن أبى أن يرجع فرق الحاكم بينهما. وإنما صار إلى تقديره بهذا لحديث عمر، رواه أبو حفص بإسناده عن زيد بن أسلم قال: بينما عمر بن الخطاب يحرس المدينة فمر بامرأة في بيتها وهي تقول: تطاول هذا الليل وإسود جانبه. وطال على أن لا خليل ألاعبه … فسأل عنها عمر فقيل له: هذه فلانة زوجها غائب في سبيل الله، فأرسل إليها امرأة تكون معها، وبعث إلى زوجها فأقفله، ثم دخل على حفصة فقال: يا بنية كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله مثلك يسأل مثلي عن هذا! فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك، قالت: خمسة أشهر ستة أشهر. فوقَّت للناس في مغازيهم ستة أشهر يسيرون شهرًا ويقيمون أربعة ويسيرون شهرًا راجعين.
وسئل أحمد: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر، وقد يغيب الرجل أكثر من ذلك لأمر لا بد له. فإن غاب أكثر من ذلك لغير عذر فقال بعض أصحابنا: يراسله الحاكم فإن أبى أن يقدم فسخ نكاحه. انتهى.
قول المرداوي في كتاب الإنصاف
وجاء في كتاب الإنصاف للمرداوي: (أن الزوج إن سَافَرَ عَنْ زوجته أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَطَلَبَتْ قُدُومَهُ: لَزِمَهُ ذَلِكَ. إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ …. وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله يَقْتَضِي أَنَّهُ مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ. وَذَلِكَ يَعُمُّ الْوَاجِبَ الشَّرْعِيَّ، وَطَلَبَ الرِّزْقِ الَّذِي هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ.. وقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ وَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ تَغَيَّبَ عَنْ امْرَأَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؟ قَالَ: إذَا كَانَ فِي حَجٍّ، أَوْ غَزْوٍ، أَوْ مَكْسَبٍ يَكْسِبُ عَلَى عِيَالِهِ. أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، إنْ كَانَ قَدْ تَرَكَهَا فِي كِفَايَةٍ مِنْ النَّفَقَةِ لَهَا، وَمَحْرَمِ رَجُلٍ يَكْفِيهَا).
رأي لجنة الفتوى في وزارة الأوقاف
تم عرض قضية فراق الزوج عن زوجته على لجنة الفتوى في وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية وكان ردها عن هذا الموضوع كالاتي: “على الزوج ألا يغيب عن زوجته مدة تتضرر بها من غيابه عنها، إلا لحاجة ماسة، والحاجة تقدر بقدرها، فإذا غاب عنها مدة طويلة لغير حاجة حتى تضررت من غيبته آثم، وجاز لها طلب التفريق عند بعض الفقهاء، رفعًا للضرر عنها، وقد قدّر بعض الفقهاء هذه الغيبة بمدة سنة، وقدّرها بعضهم بمدة ستة أشهر، هذا إذا ترك لها في غيبته من المال ما يكفي لنفقتها، أما إذا لم يترك لها من المال ما يكفي لنفقتها، فقد أجاز بعض الفقهاء طلب أن تستدين مقدار حاجتها، ويكون ما تستدينه دينًا عليه إذا عاد وأيسر، وأجاز لها بعض الفقهاء طلب الفراق لعدم الانفاق، أما إذا كانت غيبته لمصلحة غالبة أو ضرورة، كطلب الرزق الذي ضاق عليه أو منع منه في بلده، أو من أجل التطبب أو ما شابه ذلك، وترك لها نفقتها مدة غيبته، ولم تتضرر الزوجة من هذه الغيبة عنها، فلا إثم عليه في ذلك.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه والمرأة المغيبة
كان عمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه دائما ما يتجول بالمدينة ويراقب أمورها ويرى أحوال الناس وذلك لحرصه على رعيته وذات مرة وهو يسير في المدينة مر على بيت به امرأة وكان الباب مغلق ولكنه سمع صوتها وهي تقول:
تطاول هذا الليل وازورّ جَانِبُه ** وأرّقَني ألا ضجيعَ ألاعبُه
ألاعبه طورًا وطورًا كأنما ** بدا قمرًا في ظلمة الليل حاجبُه
يُسَرُّ به من كان يلهو بقربه ** لطيف الحشا لا يحتويه أقاربُه
فوالله! لولا الله لا شيء غيره ** لنُقِّض من هذا السرير جوانبه
ولكنني أخشى رقيبًا موكَّلًا ** بأنفاسنا لا يفتر الدهرّ كاتبُه
مخافة ربي والحياء يصدّني ** وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
ولكني أخشى رقيبا موكلًا ** بأنفاسنا، لا يفتر الدهر كاتبه
وبعد ذلك قالت: لهان على عمر بن الخطاب وحشتي وغيبة زوجي عني.! وعندما سمع عمر تلك الجملة من المرأة طرق عليها الباب
فقالت المرأة: “من هذا الذي يأتي إلى امرأة مغيبة في هذه الساعة.؟”
فقال عمر: “افتحي”. فرفضت المرأة فتح الباب، وكرر عمر الطلب أكثر من مرة حتى قالت له المرأة: “أما والله لو بلغ أمير المؤمنين خبرك لعاقبك”. وهنا قال لها عمر: “افتحي فأنا أمير المؤمنين”
قالت: “كذبت ما أنت بأمير المؤمنين.” فقام عمر برفع صوته وجاهرها، فأدركت المرأة أنه هو أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ففتحت له.
قال لها: “هيه، كيف قلت.؟” فقالت له ما كانت قد قالته
وبعد ذلك قال لها عمر: “أما والله لولا أنك بدأت بالإله وثنيت به وثلثت به لأوجعتك ضربًا، أين زوجك؟”
ردت عليه: “في بعث كذا وكذا” (خرج للجهاد والغزو). وعندها بعث رضي الله عنه إلى عامل هذا الجند أن يقوم بتسريح فلان، وعندما قدم عليه قال له عمر: اذهب إلى أهلك.
بعدها ذهب عمر رضي الله عنه إلى ابنته حفصة وسألها قائلًا: أي بنية كم تصبر المرأة عن زوجها.” فقالت له: “ستة أشهر أو أربعة” وفي رواية أخرى “شهرًا واثنين وثلاثة وفي الرابع ينفذ صبرها” فقال عمر: “لا أحبس أحدًا من الجيوش أكثر من ذلك”.
في نهاية الموضوع المقدم لكم من موقع ايوا مصر نكون قد عرضنا لكم إجابة سؤال كم تصبر المرأة على فراق زوجها بالإضافة إلى بعض آراء الفقهاء حول هذا الأمر، كما عرضنا لكم رأي لجنة الفتوى أيضًا، وقدمنا لكم قصة المرأة التي غاب عنها زوجها مع عمرو بن الخطاب، وأخيرًا نتمنى لكم حياةً زوجيةً سعيدة.