قصة سيدنا يونس

منذ 3 أيام
قصة سيدنا يونس

النبي الذي ابتلعه الحوت ، كان لكل نبي من الأنبياء الذين أرسلهم الله لدعوة قومهم لعبادة الله الواحد الأحد وعدم الإشراك به شيء معجزة، معجزة يختص بها الله كل نبي يرسله لا تتوانى لبشر ولا يقبلها العقل البشري، يلزم لصدقها النبوة الخالصة.

إذ ليس بمقدور البشر العادي الإقدام على فعل مثلها،  لتكون شاهد قاطع الدلالة على صدق الرسالة وأن الرسول هذا نبي مرسل بأمر من الله عز وجل وليس مجرد رجل يدعي النبوة، وسوف نوضح لكم اليوم من خلال موقع ايوا مصر الإلكتروني معجزة سيدنا يونس النبي الذي ابتلعه الحوت بالتفصيل.

معجزات الأنبياء

تعددت معجزات الأنبياء والمرسلين باختلاف الأزمنة التي بعثوا فيها، وغالبا ما يوجد ارتباط وثيق بين معجزة النبي المرسل ومهنة قومه التي يمتهنون ويعملون بها، وعلى سبيل المثال:

  • بعث الله المسيح عليه السلام بمعجزة: “إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله” وذلك لما اشتهر عن قومه إجادتهم لفنون الطبز
  • كما جاءت معجزة سيدنا موسى بن عمران عليه السلام بمعجزة العصا والسحر، وذلك لاشتهار قومه بالسحر.
  • وجاءت معجزة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام القرآن، معجز ببلاغته وفصاحته العرب وهم أرباب اللغة وأسياد الكلمة، فغالبا تأتي المعجزة من جنس عمل القوم التي بعثت فيهم.

سيدنا موسى صاحب الحوت

هو سيدنا يونس بن متى، عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام، وورد في الأثر أن “متى” هو اسم أمه، ولم يذكر أن نسب أحد من الأنبياء لأمه قط، غيره هو والمسيح بن مريم عليها السلام.

بعث الله سيدنا يونس بالرسالة بعد سيدنا ذو الكفل، وقبل سيدنا موسى عليه السلام، فتوسطت رسالته رسالتهم، وجاء ذكر اسمه صراحة في القرآن أربع مرات، وهو الوحيد من  سبط بنيامين الإثنى عشر المذكور باسمه في القرآن.

يمكنك التعرف على قصة قوم عاد ودعوة سيدنا هود وهلاك قوم عاد في القرآن الكريم بالتفصيل من خلال هذا الرابط: قصة قوم عاد ودعوة سيدنا هود وهلاك قوم عاد في القرآن الكريم

مكانة سيدنا يونس في القرآن

كان سيدنا يونس من الرسل الوارد ذكرهم في القرآن في أكثر من موضع، وذكر بإسمه صراحة كذلك، كما جاءت سورة كبيرة مفصلة تحمل إسمه، وهي من كبار السور “سورة يونس”، وجاء ذكر سيدنا يونس في القرآن فيما يلي:

  • يصف الله سبحانه وتعالى نبوة سيدنا يونس عليه السلام فيقول: “وإن يونس لمن المرسلين”.
  • وفي موضع آخر من القرآن ورد ذكره بالصلاح في جملة الأنبياء الصالحين، فيقول سبحانه وتعالى:” وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين” إذ أنه ليس مجرد نبي مرسل، بل هو رجل صالح فضله الله على العالمين، واختص بذكره في القرآن وجاءت سورة كاملة باسمه.

دعوة يونس لقومه

أرسل الله سيدنا يونس لدعوة قومه للإيمان بوحدانية الله، وعدم الإشراك  به شيئا، وذلك هو الهدف من مجيء الأديان قاطبة، فأرسل الله سبحانه وتعالى سيدنا يونس لقومه لدعوتهم للإقرار بوحدانية الله عز وچل وترك عبادة الأصنام، ولكنهم هاجموه ولم يستمع له أحد، وكذبوه وقالوا به جنة كيف نترك ما ألفينا عليه آباءنا ونتبع ما تقوله، وأعرضوا عنه أشد الإعراض.

فظل يدعوهم ويقربهم إلى الله إنه هو الملجأ والمنتهى، وأن تلك الأصنام لن تنفعهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وهم مصرين على جحودهم وإعراضهم، لا يرغبهم وعد بنعيم، ولا يمنعهم تحذير من عقاب.

وعيد سيدنا يونس لقومه

ظل سيدنا يونس يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، ويأتيهم بآيات الله المختلفة، وهم يصرون على إعراضهم وتجبرهم، أخبرهم سيدنا يونس أنه تبقى لهم ثلاث أيام فقط ليرجعوا فيه عن عبادة الأصنام ويقروا بوحدانية الله، وإلا سينزل الله عليهم غضبه ويحيق بهم أشد العذاب، لم ينتهوا عما يفعلوا ولم يعيروه أي انتباه، بل ظلوا يسخروا منه ويتمادون في أذيته والتطاول عليه.

موقف يونس من إعراض قومه

لما انقضت المدة التي أمهلها سيدنا يونس لقومه، ولم ينتهوا ويرتدون عما هم عليه من الكفر بالله وعبادة الأصنام، أصابه اليأس والإحباط، وقرر ترك قريته وقومه والذهاب إلى البحر.

لم يكن جاء أمر الله بهذا الفعل، فلم يأمره بترك قومه والمشي بعيد عنهم وهنا مخالفة واضحة لأمر الله تعالى، فما كان لنبي من الأنبياء ترك الدعوة من غير ما يكون هذا  أمر من الله عز وچل.

لم ينتظر سيدنا يونس أمر الله وذهب بعدما ترك الدعوة وقومه بل وقريته بأكملها واتجه نحو البحر، وجاء وصف الله لهذا الفعل من سيدنا يونس في القرآن الكريم بقوله: “إذ أبق إلى الفلك المشحون”، ووصفه بـ الآبق أي العبد الهارب، وذلك لاستعجاله أمر الله والتصرف دون انتظار الوحي.

تبدل حال قوم يونس بعد خروجه

  • بعدما ترك سيدنا يونس قومه ورحل، بدأت بوادر العذاب التي كان يتوعدهم بها، تحل عليهم، حيث أرسل الله عليهم السحائب السوداء و الغيوم تخيم فوق سطوحهم، وتشتد الرياح المحملة بالتراب.
  • وكانوا حينئذ يعبدون الأصنام وكبيرهم يسمى “عشتار”  فخافوا وفزعوا، وأخذوا يبحثون عن سيدنا يونس لكي يمتثلوا لدعوتهم لكي يوقف الله عنهم ذلك العذاب ولكن لم يجدوه.
  • فأشار عليهم شيخا كبيرا أن يهدموا الأصنام، ويتضرعون إلى  الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتبتل ليزيح عنهم ما هم فيه، وبالفعل قاموا بهدم الأصنام ولبس السواد تذللا وتواضعا لله ليذهب عنهم العذاب.
  • ولم يكن سيدنا يونس حاضرا ليشهد عن هذا التغير الذي لبث في قومه 32 سنة ولم يؤمن معه سوى رجلين اثنين فقط ولهذا يئس وخرج دون انتظار الأمر الإلهي.

وندعوكم من هنا للتعرف على كم استغرق بناء سفينة نوح ومعلومات عن سفينة نوح عليه السلام في هذا الموضوع: كم استغرق بناء سفينة نوح ومعلومات عن سفينة نوح عليه السلام

يونس والفلك المشحون

  • لما ترك سيدنا يونس قومه وذهب قبل انتظار حكم الله فيهم وما سيأمره به، توجه إلى البحر فوجد أناس يستعدون للسفر فيها، فركب معهم دون وجهة معلومة يقصدها.
  • ولما أقلعت السفينة وصاروا في منتصف البحر حيث لا سبيل إلى العودة والرجوع، أخذت السفينة تتمايل يمنة ويسرى من ثقل الحمل عليها، وظلت هكذا لفترة طويلة.
  • ظن الركاب الذين عليها أنها لو بقيت على هذا الحال سيغرقون كلهم، فلابد أن يقترعوا ليلقي أحدهم بنفسه في البحر، تخفيفا من حمل السفينة وفداء لهم.
  • فـ أجروا القرعة أول مرة، فظهر اسم سيدنا يونس في السهم، لكنهم التمسوا فيه الصلاح والتقوى ولم يريدوا أن يلقوه فأعادوا القرعة مرة أخرى، كذلك ظهر اسمه، فأعادوها للمرة الثالثة وكانت النتيجة كسابق المرات.
  • فوجد نبي الله يونس أن لا مفر من هذا الأمر، وأنه بلاء من الله سبحانه وتعالى، وعقاب منه جراء ما فعله من ترك قومه قبل أن يؤذن له، فألقى بنفسه في عرض البحر.

ونرشح لكم التعرف على اين يقع جبل الجودي وما هي المسميات المختلفة لجبل الجودي من خلال الاطلاع على هذا الموضوع: اين يقع جبل الجودي وما هي المسميات المختلفة لجبل الجودي

 حال نبي الله يونس في بطن الحوت

فجاء حوت وابتلعه، يصف القرآن تلك الحادثة بقوله: “فالتقمه الحوت وهو مليم” ظن يونس عليه السلام، حتمية الهلاك، ولكن بعد أن استقر في بطن الحوت ووجد نفسه على قيد الحياة بكامل جسده لم يصبه مكروه جراء التقام الحوت له، لم يصدق نفسه وخر لله ساجدا في بطن الحوت.

وألهمه الله التسبيح وهو في جوف الحوت حالك الظلمة، فأخذ يردد عليه السلام الدعاء الذي اشتهر به وهو: “اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين” وأخذ يردد ذلك الدعاء مرارا وتكرار إلى أن ألفت صوته، المخلوقات البحرية خارج بطن الحوت، والتفوا حوله وأصبحوا يسبحون معه إلى أن سمع أصواتهم، ظل سيدنا يونس على هذا الحال ثلاث ليال كاملة، كان قد قضاها في الظلام الدامس دونما أية طعام أو شراب.

أمر الله للحوت بلفظ سيدنا يونس

فأراد الله سبحانه وتعالى له الخروج ويرجع ذلك لكثرة تسبيحه، فيقول الله چل وعلا: ” فلولا أنه كان من المسبحين، للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ” ، فأمر الحوت أن يقذفه على الشاطيء ، فلفظه الحوت وألقاه على اليابسة، فنام سيدنا يونس من شدة التعب والإعياء.

فأمر الله سبحانه وتعالى نبات اليقطين بتكوين شجرة فوقه لتظله، وما إن يستيقظ يأكل منها، يقول الله في كتابه العزيز واصفا تلك الصورة:”فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين”.

و ندعوكم لقراءة موضوع بحث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونزول الوحي عليه وزوجاته ووفاته من هنا: بحث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونزول الوحي عليه وزوجاته ووفاته

نبات اليقطين

ولعلنا نتساءل لماذا اليقطين بالذات، الذي أنبته الله فوق سيدنا موسى ولماذا ليس نبات آخر؟ بالنظر في هذا الأمر نجد الحكمة الربانية من ذلك، فاليقطين، شجرة تنبت فوق سطح الأرض بلا ساق، لا يلزم لها زراعة لأن سيدنا يونس في وادي خلاء لا زرع بها ولا ماء.

كما أن اليقطين أوراقه كبيرة وكثيفة، ليستظل بها من حر الشمس، وملمس أوراقها يكرهه الذباب فتحميه، كما أن ثمرة اليقطين تصلح للأكل سواء كانت نيئة أو مطبوخة، فيسهل الأكل منها دونما الحاجة لبذل جهد في الطهي.

حال قوم يونس بعد عودته

بعدما أفاق سيدنا يونس وعاد إلى قومه، فوجدهم يؤمنون بالله وتركوا عبادة الأصنام و انصلح حالهم، وبعثه الله إلى مائة ألف أو يزيدون، كلهم آمنوا به، فمتعهم الله وأرسل عليهم رحمته، وبعدما كفروا أنزل عليهم نازلة العذاب ودمر بلدتهم بأكملها.

العظات والعبر من قصة يونس عليه السلام

  • الإذعان لأمر الله، وعدم استباق الأحداث والتصرف دون الرجوع إلى الله.
  • الإيمان والثقة المطلقة في رحمة الله وعفوه فكان سيدنا يونس يلقي بنفسه في البحر وهو واثق من أن يد الله سوف تنتشله من الضياع.
  • التسبيح ضالة المؤمن، يستعين بها على كل ما يعتريه من نوائب ونوازل
    الأخذ بالأسباب وتدارك الأخطاء.

جاءت قصة يونس بمعجزاته ومضرب بعظيم أثر التسبيح في تبدل الحال وغيره، الرسل معصومين ولكن حالهم حال البشر في اليأس وطلب الدليل، لا يمنع اقتراف الذنب من الإستغفار ورجاء رحمة الله في كل وقت وحين.


شارك